إنَّ الحمدَ لله ، نَحمدُه ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً }
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}
أما بعد :
فإنَّ خيْرَ الكلام كلامُ الله ، وخيْرَ الهدْيِ ؛ هديُ محمدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها ، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
فمن المواضيع العصرية الخطيرة، الجديرة بالاهتمام: موضوع مكافحة الإرهاب واجتثاثه من جذوره ..
فالإرهاب هو: إرهاب الغير بغير حق ؛ كقتل وإخافة المؤمنين والنساء والأطفال والمعاهدين ظلماً وعدواناً وبشبهات شيطانية وحيل إبليسية..وهناك منابع للإرهاب ، ومحاضن له ، ومراجع وحماة له، ومُذْكِياتٌ ومقويات للإرهاب ، ووسائل لنشره وانتشاره...
فإغفال شيء من ذلك سيكون خللاً في مواجهة الإرهاب ومحاولة اجتثاثه ...
والتهوين من شيء من ذلك يعود بالضرر على الفرد والمجتمع ...
وإننا في الحين الذي نشكر فيه كلَّ من يساهم في مكافحة الإرهاب إلا أننا نسعى إلى تقويم هذه المكافحة والرقي بها إلى أعلى مستويات المكافحة ..
ومن المؤسف حقاً ما نراه من الجنوح الرهيب الذي يقع فيه بعض من يساعد في مكافحة الإرهاب ...
ولهذا الجنوح والانحراف صور منها :
الغفلة عن بعض أهم أسباب الإرهاب كتكفير الدولة السعودية -حرسَها اللهُ-، والطعن في كبار العلماء ومحاولة استبدالهم ببعض الحماسيين، ووجود الأحزاب التي تأصلت على الإرهاب ، والخلل في مفهوم الجهاد ، والخلل في فقه التعامل مع غير المسلمين، والخلل في مفهوم الولاء والبراء ، والغلو وغير ذلك من الأسباب الهامة والخطيرة ...
ومن صور ذلك الجنوح: أقْلَمَةُ الإرهاب ، وأعني بذلك أن يستنكر بعضُهم الإرهابَ الذي قام به الخوارج في المملكة العربية السعودية -حرسَها اللهُ- وفي الوقت نفسه يؤيدون الأعمال الإرهابية في المغرب أو اليمن أو غيرها من بلاد لمسلمين ..ومن صور ذلك الجنوح محاولة التهوين من شأن الإرهاب الذي يقوم به الخوارج "الفئة الضالة" بمقابلة إرهابهم بإرهاب اليهود وأشباههم أو بمقابلته بظلم بعض الموظفين والمسؤولين ..
مع أن الجهة منفكة فلا وجه للمقابلة والمقارنة...
فلَما قتل الإرهابيون الخوارج جونسون حاولوا تبرير قتله بما يفعله بنو جنسه من قتل للمسلمين أو بالزعم أنه يصلح طيارات أباتشي قومه!!
فهذه من محاولات أولئك للتهوين من شأن الإرهاب ..
ولَمَّا يقوم بعض الخوارج " الفئة الضالة" بأعمال إرهابية يقولون : هذا بسبب البطالة وبعض المنكرات وكذا وكذا ..
كل ذلك للتخفيف والتهوين من شأن الإرهاب والإجرام ...
ومن ذلك لَمَّا أمكن الله من رقاب بعض رؤوس الإرهابيين كالعييري والمقرن والعوشن أخذوا يهونون من شأن إرهابهم بن فلاناً كان يحفظ القرآن وأنه طالب علم وأنه جاهد في أفغانستان ويسألون الله أن يسكنه في الفردوس!!
سبحان الله!!
الشخص المجرم الذي قتل النساء والأطفال والركع الساجدين ، وغدر بالمعاهدين، والذي نحاربه ونبين للناس ضلاله بمجرد موته نتعاطف معه، ونمنع من ذكر مخازيه –للعبرة والعظة-، ونسأل الله أن يسكنه الفردوس!!
ما هذا الغباء والحمق؟!!
عبد الرحمن بن ملجم خارجي كان من حفاظ القرآن ومن كبار الدعاة إلى الله، ولما قَتَل علياً -رَضِيَ اللهُ عنهُ- ، وقتله المؤمنون لم نجد أهل السنة يترحمون عليه ولا يسألون له الفردوس ، بل لا يذكرونه إلا لذمه وبيان بطلان مسلكه لا للتشفي منه ...
الحجاج بن يوسف مسلم من كبار الظلمة ، قتل عبد الله بن الزبير -رضي اللهُ عنهما- ، وقتل جماعة من جلة التابعين ومع ذلك لما مات لم نجد أهل السنة يسألون له الفردوس!!
فهؤلاء الجانحون يخلطون بين ما هو مقرر عند أهل السنة من الصلاة والاستغفار للمسلمين مهما بلغت ذنوبهم ، وبين هجران الترحم على بعضهم، وعدم ذكرهم بالجميل لتنفير الناس من مسلكهم ، ولعدم تغرير الناس بطريقتهم الفاسدة ..
فأرجو أن يفهم هذا جيداً ..
فأنا لا أكفر يوسف العييري، وعبد العزيز المقرن ، وعيسى العوشن ، ولكن لابد أن نقف موقفاً حازماً منهم في حياتهم وبعد هلاكهم حتى لا نهون من فجورهم، وحتى لا نغرر بالمسلمين ...
وانظروا إلى الفرق بينكم وبين موقف أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- من الخوارج بعد قتلهم وهلاكهم :
عن أبي غالب -رحمهُ اللهُ- قال: كنت في مسجد دمشق، فجاؤوا بسبعين رأساً من رؤوس الحرورية ، فنصبت على درج المسجد، فجاء أبو أمامة ، فنظر إليهم ، فدمعت عيناه وقال: سبحان الله ما يصنع الشيطان ببني آدم –ثلاثاً- ((كلاب جهنم، كلاب جهنم ، شر قتلى قتلوا تحت ظل السماء-ثلاث مرات-، ومن قتلوا خيرُ قتلى تحت السماء، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه )) ، فنظر إلَيَّ ،
وقال: يا أبا غالب ، إنك من بلد هؤلاء؟ قلت: نعم . قال: أعاذك الله منهم .
قال: تقرأ "آل عمران"؟
قلت: نعم. قال: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} وإن هؤلاء كان في قلوبهم زيغ، وزِيغَ بهم، قال: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}
قلت: يا أبا أمامة، إني رأيتك تهريق عبرتك. قال: نعم ، رحمة لهم ، إنَّهم كانوا من أهل الإسلام. قال: ((افترقت بنو إسرائيل على واحدة وسبعين فرقة وتزيد هذه الأمة فرقة واحدة كلها في النار إلا السواد الأعظم))
قلت: يا أبا أمامة ، ألا ترى ما يفعلون؟ فقال: عليهم ما حملوا، {وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ} ، والطاعة خير من الفرقة والمعصية .
فقال له رجل : يا أبا أمامة، أمن رأيك تقول أم شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: إني إذاً لجريء، قال: بل سمعته من رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- لا مرةً ولا مرتين حتى ذكر سبعاً.
والله المستعان
وهنا تجد الكتاب كاملاً على ملف وورد :[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]واضغط هنا:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]