منتدى أهل السنة والجماعة
أهلا وسهلا بك زائرانا المبارك في منتدانا المتواضع وأسأل الله لنا ولك الثبات على منهج أهل السنة والجماعة
منتدى أهل السنة والجماعة
أهلا وسهلا بك زائرانا المبارك في منتدانا المتواضع وأسأل الله لنا ولك الثبات على منهج أهل السنة والجماعة
منتدى أهل السنة والجماعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالتسجيلأحدث الصوردخول
............. هذا المنتدى ولله الحمد صدقة جارية على روح الدكتور عبد الوهاب الخطيب رحمه الله وجعل مثواه أعلي الجنان..................                    .........هذا المنتدي المبارك فى حاجة إلي التبرع بإعتمادات حتي يتم إزالة الإعلانات الإجبارية التى قد تحتوي علي ذوات أرواح محرمة .........       ..............المنتدى في حاجة إلي مشرفين بشرط التزكية من أهل العلم المعروفين بسلامة المنهج ...........
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» يامن ترى!!!!!!!!!!!!!!
سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10الإثنين 31 يناير - 9:11 من طرف hard_life80

» معنى حديث : لايزال أهل المغرب ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم، ولا من خذلهم، حتى تقوم الساعة‏"‏‏.‏
سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10الأربعاء 19 يناير - 10:22 من طرف محمد ابن نوح

» هل تعرف لماذا سلب ابن عيينة فهم القرآن ؟
سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10الأحد 26 ديسمبر - 9:55 من طرف قسورة

» ثناء الشيخ المحدّث عبد القادر السندي - رحمه الله - على العلاّمة الإمام ربيع المدخليّ - حفظه الله - / لأوّل مرّة
سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10الأحد 26 ديسمبر - 9:54 من طرف قسورة

» تنظيم القاعدة - نظرة شرعية للشيخ عبدالسلام البرجس رحمه الله
سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10الأحد 26 ديسمبر - 9:47 من طرف قسورة

» تخطيط حزب الإخوان المفلسين في أمريكا الشمالية
سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10الأحد 26 ديسمبر - 9:45 من طرف قسورة

» بطريقة سهلة / كيف تعرف حاسوبك مخترق أو لا
سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10السبت 25 ديسمبر - 14:06 من طرف قسورة

» هيئة كبار العلماء // تمويل الإرهاب أو الشروع فيه محرم جريمة يعاقب عليها شرعًا
سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10الأحد 19 ديسمبر - 14:41 من طرف قسورة

» (العلامة الفوزان) مَنْ وَافق الْمُبتدع ورَضي بِبدعته فهو مُبتدع مثله فيُهجر كما يُهجر الْمُبتدع..
سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10الأحد 19 ديسمبر - 14:35 من طرف قسورة

برامج تهمك
 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 
.

 

 سورة العصر وأقوال المفسرين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
قسورة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 93
نقاط : 295
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 37
الموقع : www.rslan.com

سورة العصر وأقوال المفسرين  Empty
مُساهمةموضوع: سورة العصر وأقوال المفسرين    سورة العصر وأقوال المفسرين  Articl10الثلاثاء 6 يوليو - 10:59

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث
منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان
عليكم رقيبا.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم
ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
أما بعد
فقد كنا نتدارس مع بعض طلبة العلم كتاب ثلاثة الأصول للشيخ المجدد محمد بن
عبد الوهاب رحمه الله تعالى وكان مما ذكر في كتابه سورة العصر وذكر فيها
كلام الإمام الشافعي فأحببت أن أجمع ما تيسر لي من أقوال أهل العلم من
المفسرين، ولم أطلع على قلة اطلاعي على شروح هذه الرسالة القيمة مَن تعرض
لتفسير سورة العصر مع أنه فيما أري الأمر يناسب ذكر تفسير أهل العلم لها في
هذا الموطن والله أعلم، اللهم إلا إذا غاب عني ذلك، وعلى أي حال فهذه
مساهمة مني متواضعة أقدمها للإخوة طلبة العلم سائلا الله تعالى أن ينفعني
وإياهم بها وما هو إلا جمع لأقوال المفسرين ليس غير، وأستغفر الله العظيم
مما أخطأ فيه القلم أو شط به الذهن أو زل به اللسان إنه هو الغفور الرحيم.
وأبتدأ بحثي المتواضع بما أخرجه الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة "
11/267: "كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم
يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر:( و العصر إن الإنسان لفي خسر )، ثم يسلم
أحدهما على الآخر " .
قال ابن القيم في تفسيره 1/5: " فلما كان كمال الإنسان إنما هو بالعلم
النافع والعمل الصالح وهما الهدى ودين الحق وبتكميله لغيره في هذين الأمرين
كما قال تعالى والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر أقسم سبحانه أن كل أحد خاسر إلا من كمل قوته
العلمية بالإيمان وقوته العملية بالعمل الصالح وكمل غيره بالتوصية بالحق
والصبر عليه فالحق هو الإيمان والعمل ولا يتمان إلا بالصبر عليهما والتواصي
بهما كان حقيقا بالإنسان أن ينفق ساعات عمره بل أنفاسه فيما ينال به
المطالب العالية ويخلص به من الخسران المبين وليس ذلك إلا بالإقبال على
القرآن وتفهمه وتدبره".
قال الشنقيطي في أضواء البيان9/87
العصر : اسم للزمن كله أو جزء منه .ولذا اختلف في المراد منه ، حيث لم يبين
هنا
فقيل : هو الدهر كله ، أقسم الله به لما فيه من العجائب ، أمة تذهب وأمة
تأتي ، وقدر ينفذ ، وآية تظهر ، وهو لا يتغير ، ليل يعقبه نهار ، ونهار
يطرده ليل ، فهو في نفسه عجب .
كما قيل : موجود شبيه المعدوم ، ومتحرك يضاهي الساكن .كما قيل :وأرى الزمان
سفينة تجري بنا ... نحو المنون ولا نرى حركاته، فهو في نفسه آية ، سواء في
ماضيه لا يعلم متى كان أو في حاضره لا يعلم كيف ينقضي ، أو في مستقبله
.واستدل لهذا القول بما جاء موقوفا على علي رضي الله عنه ، ومرفوعا من
قراءة شاذة : والعصر ونوائب الدهر . وحمل على التفسير إذا لم يصح قرآنا ،
وهذا المعنى مروي عن ابن عباس .
وعليه قول الشاعر:سبيل الهوى وعر وبحر الهوى غمر ويوم الهوى شهر ، وشهر
الهوى دهر
وقيل العصر : الليل والنهار .
قال حميد بن ثور : ولم يلبث العصران يوم ليلة ... إذا طلبا أن يدركا ما
يتمما
والعصران : أيضا الغداة والعشي .
كما قيل :
وأمطله العصرين حتى يملني ... ويرضى بنصف الدين والأنف راغم
والمطل : التسويف وتأخير الدين .
وكما قيل :
قضى كل ذي دين فوفى غريمه ... وعزة ممطول معنى غريمها
وقيل : إن العشي ما بعد زوال الشمس إلى غروبها ، وهو قول الحسن وقتادة .
ومنه قول الشاعر :
تروح بنا يا عمرو قد قصر العصر ... وفي الروحة الأولى الغنيمة والأجر
وعن قتادة أيضا : هو آخر ساعة من ساعات النهار ، لتعظيم اليمين فيه ،
وللقسم بالفجر والضحى .
وقيل : هو صلاة العصر لكونها الوسطى .
وقيل : عصر النبي صلى الله عليه وسلم أو زمن أمته ، لأنه يشبه عصر عمر
الدنيا .
والذي يظهر والله تعالى أعلم : أن أقرب هذه الأقوال كلها قولان : إما
العموم بمعنى الدهر للقراءة الشاذة ، إذ أقل درجاتها التفسير ، ولأنه يشمل
بعمومه بقية الأقوال .
وإما عصر الإنسان أي عمره ومدة حياته الذي هو محل الكسب والخسران لإشعار
السياق ، ولأنه يخص العبد في نفسه موعظة وانتفاعا .
ويرجع لهذا المعنى ما يكتنف هذه السورة من سور التكاثر قبلها ، والهمزة
بعدها ، إذ الأولى تذم هاذ التلهي والتكاثر بالمال والولد ، حتى زيارة
المقابر بالموت ، ومحل ذلك هو حياة الإنسان .
وسورة الهمزة في نفس المعنى تقريبا ، في الذي جمع مالا وعدده ، يحسب أن
ماله أخلده .
فجمع المال وتعداده في حياة الإنسان وحياته محدودة ، وليس مخلدا في الدنيا ،
كما أن الإيمان وعمل الصالحات مرتبط بحياة الإنسان .
وعليه ، فإما أن يكون المراد بالعصر في هذه السورة العموم لشموله الجميع
ولقراءة الشاذة ، وهذا أقواها .
وإما حياة الإنسان ، لأنه ألزم له في عمله ، وتكون كل الإطلاقات الأخرى من
إطلاق الكل ، وإرادة البعض ، والله تعالى أعلم" .
وقال ابن عاشور في تفسيره30/464" وأشهر إطلاق لفظ العصر أنه علم بالغلبة
لوقت ما بين آخر وقت الظهر وبين اصفرار الشمس فمبدؤه إذا صار ظل الجسم مثله
بعد القدر الذي كان عليه عند زوال الشمس ويمتد إلى أن يصير ظل الجسم مثلي
قدره بعد الظل الذي كان له عند زوال الشمس. وذلك وقت اصفرار الشمس، والعصر
مبدأ العشي. ويعقبه الأصيل والاحمرار وهو ما قبل غروب الشمس قال الحارث بن
حلزة فيما ذكره الجاحظ في الحيوان4/389:
"آنست نبأة وأفزعها القن ... اص عصرا وقد دنا الإمساء"
فذلك وقت يؤذن بقرب انتهاء النهار، ويذكر بخلقة الشمس والأرض، ونظام حركة
الأرض حول الشمس، وهي الحركة التي يتكون منها الليل والنهار كل يوم وهو من
هذا الوجه كالقسم بالضحى وبالليل والنهار وبالفجر من الأحوال الجوية
المتغيرة المتغير بتوجه شعاع الشمس نحو الكرة الأرضية.
وفي ذلك الوقت يتهيأ الناس للانقطاع عن أعمالهم في النهار كالقيام على
حقولهم وجناتهم، وتجاراتهم في أسواقهم، فيذكر بحكمة نظام المجتمع الإنساني
وما ألهم الله في غريزته من دأب عن عمل ونظام لابتدائه وانقطاعه. وفيه
يتحفز الناس للإقبال على بيوتهم لمبيتهم والتأنس بأهليهم وأولادهم. وهو من
النعمة أو من النعيم، وفيه إيماء إلى التذكير بمثل الحياة حين تدنو آجال
الناس بعد مضي أطوار الشباب والاكتهال والهرم.وتعريفه باللام على هذه
الوجوه تعريف العهد الذهني أي كل عصر.
ويطلق العصر على الصلاة الموقتة بوقت العصر. وهي صلاة معظمة. قيل: هي
المراد بالوسطى في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ
الْوُسْطَى} [البقرة: 238]. وجاء في صحيح البخاري3/1318ح3407وفي صحيح
مسلم1/436ح626 "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" . وورد في
الحديث الصحيح عند البخاري8/189ح2196:
"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة" فذكر "ورجل حلف يمينا فاجرة بعد العصر
على عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ
رَجُلٍ مُسْلِمٍ " وتعريفه على هذا تعريف العهد وصار علما بالغلبة كما هو
شأن كثير من أسماء الأجناس المعرفة باللام مثل العقبة.
وقال في فتح الباري13/202: " وخص بعد العصر بالحلف لشرفه بسبب اجتماع
ملائكة الليل والنهار".
ويطلق العصر على مدة معلومة لوجود جيل من الناس، أو ملك أو نبي، أو دين،
ويعين بالإضافة، فيقال: عصر الفطحل، وعصر إبراهيم، وعصر الإسكندر، وعصر
الجاهلية، فيجوز أن يكون مراد هذا الإطلاق هنا ويكون المعني به عصر النبي
صلى الله عليه وسلم، والتعريف فيه تعريف العهد الحضوري مثل التعريف في
"اليوم" من قولك: فعلت اليوم كذا، فالقسم به كالقسم بحياته في قوله تعالى:
{لَعَمْرُكَ} . قال الفخر: فهو تعالى أقسم بزمانه في هذه الآية وبمكانه في
قوله تعالى: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد:2]، وبعمره في
قوله: {لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72]. اهـ.
ويجوز أن يراد عصر الإسلام كله وهو خاتمة عصور الأديان لهذا العالم وقد مثل
النبي صلى الله عليه وسلم عصر الأمة الإسلامية بالنسبة إلى عصر اليهود
وعصر النصارى بما بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس بقوله "مثل المسلمين
واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر أجراء يعملون له إلى الليل فعملت اليهود
إلى نصف النهار ثم قالوا لا حاجة لنا إلى أجرك وما عملنا باطل، واستأجر
آخرين بعدهم فقال: أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت لهم فعملوا حتى إذا
كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا،
واستأجر قوما أن يعملوا بقية يومهم فعملوا حتى غابت الشمس واستكملوا أجر
الفريقين كليهما فأنتم هم". فلعل ذلك التمثيل النبوي له اتصال بالرمز إلى
عصر الإسلام في هذه الآية.
ويجوز أن يفسر العصر في هذه الآية بالزمان كله فقال ابن عطية: قال أبي بن
كعب: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العصر فقال: "أقسم ربكم بآخر
النهار" وهذه المعاني لا يفي باحتمالها غير لفظ العصر.
ومناسبة القسم بالعصر لغرض السورة على إرادة عصر الإسلام ظاهرة فإنها بينت
حال الناس في عصر الإسلام بين من كفر به ومن آمن واستوفى حظه من الأعمال
التي جاء بها الإسلام، ويعرف منه حال من أسلموا وكان في أعمالهم تقصير
متفاوت، أما أحوال الأمم التي كانت قبل الإسلام فكانت مختلفة بحسب مجيء
الرسل إلى بعض الأمم، وبقاء بعض الأمم بدون شرائع متمسكة بغير دين الإسلام
من الشرك أو بدين جاء الإسلام بنسخه مثل اليهودية والنصرانية قال تعالى:
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ
فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} في [سورة آل عمران: 85]. وجاء في فتح
الباري لابن حجر8/729:" قال عبد الرزاق عن معمر قال الحسن: {الْعَصْرِ} :
العشى . وقال قتادة: ساعة من ساعات النهار".
وقال ابن كثير في تفسيره 8/480:" العصر: الزمان الذي يقع فيه حركات بني
آدم، من خير وشر. وقال مالك، عن زيد بن أسلم: هو العشى، والمشهور الأول".
وقال الآلوسي في تفسيره23/120:" قال مقاتل أقسم سبحانه بصلاة العصر لفضلها
لأنها الصلاة الوسطى عند الجمهور لقوله عليه الصلاة والسلام شغلونا عن
الصلاة الوسطى صلاة العصر ولما في مصحف حفصة والصلاة الوسطى صلاة العصر وفي
الحديث « من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" .
وقال الشيخ السعدي في تفسيره ص934 :" أقسم تعالى بالعصر، الذي هو الليل
والنهار، محل أفعال العباد وأعمالهم".
وجاء في تفسير الطبري24/589:" اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:(
وَالْعَصْرِ ) فقال بعضهم: هو قسم أقسم ربنا تعالى ذكره بالدهر، فقال:
العصر: هو الدهر.
ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ،
عن ابن عباس، في قوله:( وَالْعَصْرِ ) قال: العصر: ساعة من ساعات النهار.
وقال الطبري: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن(
وَالْعَصْرِ ) قال: هو العشيّ.
والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن ربنا أقسم بالعصر( وَالْعَصْرِ ) اسم
للدهر، وهو العشيّ والليل والنهار، ولم يخصص مما شمله هذا الاسم معنى دون
معنى، فكلّ ما لزِمه هذا الاسم، فداخل فيما أقسم به جلّ ثناؤه.
وقوله:( إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) يقول: إن ابن آدم لفي هلَكة
ونقصان. وكان عليّ رضى الله عنه يقرأ ذلك:( إنَّ الإنْسانَ لَفِي خُسْر
وإنه فيه إلى آخر الدهر ).
وقال الطبر أيضا :حدثني ابن عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا أبو نعيم الفضل
بن دكين، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مرّ، قال: سمعت
عليا رضى الله عنه يقرأ هذا الحرف( وَالْعَصْرِ وَنَوَائِب الدَّهْرِ، إنَ
الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، وإنه فيه إلى آخر الدهر ).
وقال أبو بكر أحمد بن مروان بن محمد الدينوري(قال عنه الشيخ الألباني في
الإرواء4/330: " الدينوري واسمه أحمد بن مروان ذكر الحافظ في ( اللسان ) عن
الدارقطني أنه كان يضع الحديث.فلا يوثق بخبره) في كتابه المجالسة وجواهر
العلم ج1/ص434:" حدثنا أحمد نا النضر بن عبد الله(وثقه ابن حبان) نا أبو
نعيم نا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مر (قال عنه العقيلي في
الضعفاء3/271:" عمرو ذو مر كوفي روى عنه أبو إسحاق حدثني آدم بن موسى قال
سمعت البخاري قال قال عمرو ذو مر روى عنه أبو إسحاق وحده لا يعرف ومن حديثه
ما حدثناه القاسم بن محمد النهمي قال حدثنا مخول بن إبراهيم قال حدثنا
جابر بن الحر عن أبي إسحاق عمر عمرو ذي مر عن علي قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والي من والاه وعاد من عاداه
" وقال العجلي في الثقات:" وقال البخاري: لا يعرف,وكذا الذهبي في
الميزان3/294)كان علي رحمه الله يقرأ والعصر ونوائب الدهر، إسناده مظلم"
لكن قال في أضواء البيان9/78:" جاء موقوفا على علي رضي الله عنه ومرفوعا من
قراءة شاذة "والعصر ونوائب الدهر" وحمل على التفسير إذ لم يصح قرآنا وهذا
المعنى مروي عن ابن عباس". والحديث أخرجه الحاكم أيضا في المستدرك2/582
وقال:" على شرطهما ولم يخرجاه" والحديث ذكره ابن كثير أيضا
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:" وقيل: إن العصر هو الزمان. وهذا هو
الأصح أقسم الله به لما يقع فيه من اختلاف الأحوال، وتقلبات الأمور،
ومداولة الأيام بين الناس وغير ذلك مما هو مشاهد في الحاضر، ومتحدث عنه في
الغائب. فالعصر هو الزمان الذي يعيشه الخلق، وتختلف أوقاته شدة ورخاء،
وحرباً وسلماً، وصحة ومرضاً، وعملاً صالحاً وعملاً سيئاً إلى غير ذلك مما
هو معلوم للجميع"
وقال القرطبي20/178:" {وَالْعَصْرِ} أي الدهر؛ قاله ابن عباس وغيره. فالعصر
مثل الدهر؛ ومنه قول الشاعر:
سبيل الهوى وعر وبحر الهوى غمر ... ويوم الهوى شهر وشهر الهوى دهر
أي عصر أقسم الله به عز وجل؛ لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها،
وما فيها من الدلالة على الصانع. وقيل: العصر: الليل والنهار. قال حميد بن
ثور:
ولن يلبث العصران: يوم وليلة ... إذا طلبا أن يدركا ما تيمما
والعصران أيضا: الغداة والعشي. قال:
وأمطله العصرين حتى يملني ... ويرضى بنصف الدين والأنف راغم
يقول: إذا جاءني أول النهار ووعدته آخره. وقيل: إنه العشي، وهو ما بين زوال
الشمس وغروبها؛ قاله الحسن وقتادة. ومنه قول الشاعر:
تروح بنا يا عمر قد قصر العصر ... وفي الروحة الأولى الغنيمة والأجر
وعن قتادة أيضا: هو آخر ساعة من ساعات النهار. وقيل: هو قسم بصلاة العصر،
وهي الوسطى؛ لأنها أفضل الصلوات؛ قال مقاتل. يقال: أذن للعصر، أي لصلاة
العصر. وصليت العصر؛ أي صلاة العصر. وفي الخبر الصحيح "الصلاة الوسطى صلاة
العصر" . وقد مضى في سورة "البقرة" بيانه. وقيل: هو قسم بعصر النبي صلى
الله عليه وسلم، لفضله بتجديد النبوة فيه. وقيل: معناه ورب العصر.
الثانية- قال مالك: من حلف ألا يكلم رجلا عصرا: لم يكلمه سنة. قال ابن
العربي: إنما حمل مالك يمين الحالف ألا يكلم امرأ عصرا على السنة؛ لأنه
أكثر ما قيل فيه، وذلك على أصله في تغليظ المعنى في الأيمان. وقال الشافعي:
يبر بساعة؛ إلا أن تكون له نية، وبه أقول؛ إلا أن يكون الحالف عربيا،
فيقال له: ما أودت؟ فإذا فسره بما يحتمله قبل منه، إلا أن يكون الأقل،
ويجيء على مذهب مالك أن يحمل على ما يفسر. والله أعلم"
وقوله : { إن الإنسان لفى خسر } .
لفظ الإنسان وإن كان منفردا ، فإن أل فيه جعلته للجنس . وقد بينه الشيخ
رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب ، وتقدم التنبيه عليه
مرارا ، فهو شامل للمسلم والكافر ، إلا من استثنى الله تعالى . وقيل : خاص
بالكافر ، والأول أرجح للعموم .
وإن الإنسان لفي خسر ، جواب القسم ، والخسر : قيل : هو الغبن ، وقيل :
النقص : وقيل ، العقوبة ، وقيل : الهلكة ، والكل متقارب .
وأصل الخسر والخسران كالكفر والكفران ، النقص من رأس المال ، ولم يبين هنا
نوع الخسران في أي شيء ، بل أطلق ليعم ، وجاء بحرف الظرفية ، ليشعر أن
الإنسان مستغرق في الخسران ، وهو محيط به من كل جهة .
ولو نظرنا إلى أمرين وهما المستثنى والسورة التي قبلها ، لا تضح هذا العموم
، لأن مفهوم المستثنى يشمل أربعة أمور : عدم الإيمان وهو الكفر ، وعدم
العمل الصالح وهو العمل الفاسد ، وعدم التواصي بالحق وهو انعدام التواصي
كلية أو التواصي بالباطل ، وعدم التواصي بالصبر ، وهو إما انعدام التواصي
كلية أو الهلع والجزع .
والسورة التي قبلها تلهي الإنسان بالتكاثر في المال والولد ، بغية الغنى
والتكثر فيه ، وضده ضياع المال والولد وهو الخسران .
فعليه يكون الخسران في الدينة من حيث الإيمان بسبب الكفر ، وفي الإسلام وهو
ترك العمل ، وإن كان يشمله الإيمان في الاصطلاح والتلهي في الباطل وترك
الحق ، وفي الهلع والفزع .
ومن ثم ترك الأمر والنهي بما فيه مصلحة العبد وفلاحه وصلاح دينه ودنياه ،
وكل ذلك جاء في القرآن ما يدل عليه نجمله كالآتي :
أما الخسران بالكفر . فكما في قوله تعالى : { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من
قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } [ الزمر : 65 ] .
وقوله : { قد خسر الذين كذبوا بلقآء الله } [ الأنعام : 31 ] ، أي لأنهم لم
يعملوا لهاذ اللقاء ، وقصروا أمرهم في الحياة الدنيا فضيعوا أنفسهم ،
وحظهم في الآخرة .
وأما الخسران بترك العمل ، فكما في قوله تعالى : { ومن خفت موازينه فأولئك
الذين خسروا أنفسهم } [ الأعراف : 9 ] ، لأن الموازين هي معايير الأعمال
كما تقدم { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } [ الزلزلة : 7 ] .
ومثله : { ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا } [
النساء : 119 ] ، لأنه سيكون من حزب الشيطان { ألا إن حزب الشيطان هم
الخاسرون } [ المجادلة : 19 ] ، أي بطاعتهم إياه في معصية الله . وأما
الخسران بترك التواصي بالحق فليس بعد الحق إلا بالضلال ، والحق هو الإسلام
بكامله ، وقد قال تعالى:{ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في
الآخرة من الخاسرين[ آل عمران : 85 ] .
وأما الخسران بترك التواصي بالصبر والوقوع في الهلع والفزع ، فكما قال
تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن
أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين } [
الحج : 11 ] .
وقال في أضواء البيان9/90
تحقيق المناط في حقيقة خسران الإنسان
اتفقوا على أن رأس مال الإنسان في حياته هو عمره .
كلف بإعماله في فترة وجوده في الدنيا ، فهي له كالسوق . فإن أعمله في خير
ربح وإن أعمله في شر خسر .ويدل لهذا المعنى قوله تعالى : { إن الله اشترى
من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } [ التوبة : 111 ] .وقوله : {
هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله } [ الصف :
10-11 ] الآية وفي الحديث عند مسلم1/203ح223 : « الطهور شطر الإيمان » .وفي
آخره « كل الناس يغدو ، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها » مما يؤكد أن رأس
مال الإنسان عمره .
ولأهمية هذا العمر جاء قسيم الرسالة والنذارة في قوله : { أولم نعمركم ما
يتذكر فيه من تذكر وجآءكم النذير } [ فاطر : 37 ] . وعلى هذا قالوا : إن
الله تعالى أرسل رسوله بالهدى .
وهدى كل إنسان النجدين ، وجعل لكل إنسان منزلة في الجنة ومنزلة في النار .
فمن آمن وعمل صالحا كان مآله إلى منزلة الجنة ، وسلم من منزلة النار ، ومن
كفر كان مآله إلى منزلة النار ، وترك منزلته في الجنة .
كما جاء في حديث القبر « أول ما يدخل في قبره إن كان مؤمنا يفتح له باب إلى
النار ، ويقال له : ذاك مقعدك من النار لو لم تؤمن ثم يقفل عنه ، ويفتح له
باب إلى الجنة ويقال له : هذا منزلك يوم تقوم الساعة ، فيقول : رب ، أقم
الساعة » .
وإن كان كافرا كان على العكس تماما ، فإذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل
النار النار ، فيأخذ كل منزلته فيها ، وتبقى منازل أهل النار في الجنة
خالية فيتوارثها أهل الجنة ، وتبقى منازل أهل الجنة في النار خالية ، فتوزع
على أهل النار ، وهنا يظهر الخسران المبين ، لأنه من ترك منزلة في الجنة
وذهب إلى منزلة في النار ، فهو بلا شك خاسر ، وإذا ترك منزلته في الجنة
لغيره وأخذ هو بدلا منها منزلة غيره في النار ، كان هو الخسران المبين ،
عياذا بالله .أما في غير الكافر وفي عموم المسلمين ، فإن الخسران في
التفريط بحيث لو دخل الجنة ولم ينل أعلى الدرجات يحس بالخسران في القوت
الذي فرط فيه ، ولم يناقش في فعل الخير ، لينال أعلى الدرجات .
فهذه السورة فعلا دافع لكل فرد إلى الجد والعمل المربح ، ودرجات الجنة
رفيعة ومنازلها عالية مهما بل العبد من جهد ، فإن أمامه مجال للكسب والربح ،
نسأل الله التوفيق والفلاح .
وقد قالوا : لا يخرج إنسان من الدنيا إلا حزينا ، فإن كان مسيئا فعلى
إساءته ، وإن كان محسنا فلتقصيره ، وقد يشهد لهاذ المعنى قوله تعالى : { إن
الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا
تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } [ فصلت : 30 ] .
فالخوف من المستقبل أمامهم ، والحزن على الماضي خلفهم ، والله تعالى أعلم .
ويبين خطر هذه المسألة : أن الإنسان إذا كان في آخر عمره ، وشعر بأيامه
المعدودة وساعاته المحدودة وأراد زيادة يوم فيها ، يتزود منها أو ساعة
وجيزة يستدرك بعضا مما فاته ، لم يستطع لذلك سبيلا ، فيشعر بالأسى والحزن
على الأيام والليالي والشهور والسنين التي ضاعت عليه في غير ما كسب ولا
فائدة ، كان من الممكن أن تكون مربحة له ،
وفي الحديث الصحيح عند البخاري5/2357ح6049 : « نعمتان مغبون فيهما الإنسان :
الصحة والفراغ » .
أي أنهما يمضيان لا يستغلهما في أوجه الكسب المكتملة ، فيفوتان عليه بدون
عوض يذكر ثم يندم ، ولات حين مندم .
كما قيل في ذلك :
بدلت جمة برأس أزعرا ... وبالثنايا البيض الدر دررا
كما اشترى المسلم إذ تنصرا ...
وهنا إشعار أيضا بأن سبب هذا الخسران الذي يقع فيه الإنسان ، هو الجهل الذي
يجر إلى الكفر والتمادي في الباطل ، ويساعد على هاذ قسوة القلب ، وطول
الأمد . كما قال تعالى : { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد
فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون } [ الحديد : 16 ] .
تنبيه آخر
قوله تعالى : { إن الإنسان لفى خسر } ، نص على الإنسان على ما تقدم وقد
جاءت آية أخرى تدل على أن الجن كالإنس في قوله تعالى : { أولئك الذين حق
عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين } [
الأحقاف : 18 ] .
وتقدم بيان تكليف الجن بالدعوة واستجابتهم لها . والدعوة إليها . هذا هو
المستثنى من الإنسان المتقدم ، مما دل على العموم كما قدمنا ، والإيمان لغة
التصديق وشرعا الاعتقاد الجازم بأركان الإيمان الستة ، في حديث جبريل عليه
السلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم لما سأله عن الإسلام والإيمان
والإحسان .
وعملوا الصالحات : العطف يقتضي المغايرة .
ولذا قال بعض الناس : إن الأعمال ليست داخلة في تعريف الإيمان ومقالاتهم
معروفة.
قلت ( أبو الحسين): " بل مردودة بالكتاب والسنة وأقوال السلف وأهل اللغة.
بل هذا من باب عطف الخاص على العام للتذكير والاهتمام ".
والجمهور : أن الإيمان اعتقاد بالجنان ، ونطق باللسان ، وعمل بالجوارح .
فالعمل داخل فيه ويزيد وينقص ، وقد قدمنا : أن العمل شرط أقرب من أن يكون
جزءا ، أي أن الإيمان يصدق بالاعتقاد ، ولا يتوقف وجوده على العمل ، ولكن
العمل شرط في الانتفاع بالإيمان ، إذا تمكن العبد من العمل ، ومما يدل
لكونه الإيمان يصدق عليه حد الاعتقاد والنطق ، ولو لم يتمكن العبد من العمل
، قصة الصحابي الذي أسلم عند بدء المعركة ، وقاتل ، واستشهد ولم يصل لله
ركعة فدخل الجنة .
والجمهور : على أن مجرد الاعتقاد لا ينفع صاحبه ، كما كان يعتقد عم النبي
صلى الله عليه وسلم صحة رسالته ، ولكنه لم يقل كلمة يحاج له صلى الله عليه
وسلم بها ، وكذلك لو اعتقد ونطق بالشهادتين ، ولم يعمل كان مناقضا لقوله .
والصالحات : جمع صالحة ، وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه وتعريفه
وشروط كون العمل صالحا بأدلته من كونه موافقا لكتاب الله صاحبه خالصا لوجه
الله ، وكونه صادرا من مؤمن بالله ، إلخ
وقوله : { وتواصوا بالحق } .
يعتبر التواصي بالحق ، من الخاص بعد العام ، لأنه داخل في عمل الصالحات .
وقيل : إن التواصي ، أن يوصي بعضهم بعضا بالحق .
وقيل : الحق كل ما كان ضد الباطل فيشمل عمل الطاعات ، وترك المعاصي .
واعتبر هذا أساسا من أسس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بقرينة التواصي
بالصبر ، أي على الأمر والنهي ،
وقيل : الحق ، هو القرآن ، لشموله كل أمر وكل نهي ، وكل خير ، ويشهد لذلك
قوله تعالى في حق القرآن { وبالحق أنزلناه وبالحق نزل } [ الإسراء : 105 ] .
وقوله : { إنآ أنزلنآ إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين } [
الزمر : 2 ]
وقد جاءت آيات في القرآن تدل على أن الوصية بالحق تشمل الشريعة كلها ،
أصولها وفروعها ، ماضيها وحاضرها ، من ذلك ما وصى الله به الأنبياء وعموما ،
من نوح وإبراهيم ومن بعدهم في قوله تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصى به
نوحا والذي أوحينآ إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين
ولا تتفرقوا فيه } [ الشورى : 13 ] .
وإقامة الدين للقيام بكليته ، وقد كانت هذه الوصية عمل الرسل لأممهم ومن
بعدهم فنفذها إبراهيم عليه السلام كما قال تعالى : { ووصى بهآ إبراهيم بنيه
ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون }[
البقرة : 132 ] .
ومن بعد إبراهيم يعقوب كما قال تعالى : { أم كنتم شهدآء إذ حضر يعقوب الموت
إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم
وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون } [ البقرة : 133 ] .
فهذا تواصي الأمم بأصل الإيمان وعموم الشريعة ، وكذلك بالعبادة من صلاة
وزكاة ، كما في قوله تعالى عن نبي الله عيسى عليه السلام : { وأوصاني
بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي } [ مريم : 31-32 ] .
وكذلك الحالة الاجتماعية ماثلة في الوصية بالوالدين والأولاد ، لترابط
الأسرة ، ففي الوالدين قوله تعالى : { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه
وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك
على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } [
لقمان : 14-15 ] .
وفي الأبناء قال : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } [
النساء : 11 ] .
وفي الحقوق العامة أوامر ونواهي ، عبادات ومعاملات ، جاءت آيات الوصايا
العشر التي قال عنها ابن مسعود رضي الله عنه : « من أراد أن ينظر إلى وصية
رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ : { قل تعالوا أتل
ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا
أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما
بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون
ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل
والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى
وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون وأن هذا صراطي مستقيما
فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } [
الأنعام : 151-153 ] .
تلك الوصايا الجامعة أبواب الخير الموصدة أبواب الشر والمذيلة بهذا التبيين
والتعريف ، وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه لا تتبعوا السبل .
ولو أردنا أن نربط بين هذا وبين التواصي بالحق وبينهما وبين فاتحة الكتاب ،
لكانت النتيجة كالآتي في قوله : { وتواصوا بالحق } ، إحالة على تلك
الوصايا ، وهي شاملة جامعة ومعنون لها بأنها صراط الله المستقيم .
فكأن قوله : { وتواصوا بالحق } ، مساويا لقوله : وتواصوا بالصراط المستقيم .
واستقيموا عليه .
ثم في سورة الفاتحة : { اهدنا الصراط المستقيم } [ الفاتحة : 6 ] ، وهذا
صراط الله المستقيم فاتبعوه .
فكانت سورة العصر مشتملة على التواصي بالاستقامة على صراط الله المستقيم
واتباعه ، ويأتي عقبها قوله : { وتواصوا بالصبر } ، بمثابة التثبيت على هذا
الصراط المستقيم إذ الصبر لازم على عمل الطاعات ، كما هو لازم لترك
المنكرات .
وتلك الوصايا العشر جمعت أمرا ونهيا فعلا وتركا وكذلك فيه الإشارة إلى ما
يقوله دعاة الإسلام من أن العمل الصالح والدعوة إلى الحق والتواصي به ، فيه
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وغالبا من يقوم به يتعرض لأذى الناس ،
فلزمهم التواصي بالصبر ، كما قال لقمان لابنه يوصيه وجامعا في وصيته وصية
سورة العصر إذ قال : { يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر
واصبر على مآ أصابك إن ذلك من عزم الأمور } [ لقمان : 17 ] .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان قواعد الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر بالتفصيل عند قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم
لا يضركم من ضل } [ المائدة : 105 ] ، في سورة المائدة .فصارت هذه السورة
بحق جامعة لأصول الرسالة .كما روي عن الشافعي رحمه الله أنه قال : لو تأمل
الناس هذه السورة لكفتهم .
قوله : { وتواصوا بالحق } ، جاء الحث على التواصي بالرحمة أيضا مع الصبر ،
في قوله تعالى : { ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة }
[ البلد : 17 ] . وبهذه الوصايا الثلاث : بالتواصي بالحق ، والتواصي
بالصبر والتواصي بالمرحمة ، تكتمل مقومات المجتمع المتكامل قوامه الفضائل
المثلى ، والقيم الفضلى .لأن بالتواصي بالحق إقامة الحق ، والاستقامة على
الطريق المستقيم .
وبالتواصي بالصبر ، يستطيعون مواصلة سيرهم على هذا الصراط ، ويتخطون كل
عقبات تواجههم .
وبالتواصي بالمرحمة : يكونون مرتبطين كالجسد الواحد ، وتلك أعطيات لم يعطها
إلا القرآن وأعطاها في هذه السورة الموجزة . وبالله التوفيق .
قال في أضواء البيان:
قال الفخر الرازي : إن الله تعالى لما أخبر عن هؤلاء بالنجاة من الخسران ،
وفوزهم بالعمل الصالح والإيمان ، أخبر عنهم أنهم لم يكتفوا بما يتعلق بهم
أنفسهم بل تعدوا إلى غيرهم ، فدعوهم إلى ما فازوا به على حد قوله صلى الله
عليه وسلم : « حب لأخيك ما تحب لنفسك » 1ه . ملخصا .
ويشهد لهذا قوله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل
عليهم الملائكة } [ فصلت : 30 ] -إلى قوله- { ومن أحسن قولا ممن دعآ إلى
الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع
بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا
الذين صبروا وما يلقاهآ إلا ذو حظ عظيم } [ فصلت : 33-35 ]
فقد بين تعالى أن الناس أقسام ثلاثة ، إزاء دعوة الرسل .
قوم آمنوا وقالوا : ربنا الله ، واستقاموا على ذلك بالعمل الصالح .
وقوم : ارتفعت همتهم إلى دعوة غيرهم وهم أحسن قولا بلا شك .
وقوم : عادوا الدعاة وأساؤوا إليهم .
ثم بين موقف الدعاة من أولئك المسيئين في غضون قوله تعالى : { ولا تستوي
الحسنة ولا السيئة ادفع } أي إساءة المسيئين { بالتي هي أحسن } فيصبحوا
أولياء لك وبين أن هذه المنزلة { وما يلقاها إلا الذين صبروا } ثم بين أن
من ارتفع إليها وسلك مسلكها { إنه لذو حظ عظيم } [ القصص : 79 ]
تنبيه
قال الشيخ سالم العطية كنت سمعت من الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ،
قول للدعاة عدوان : أحدهما : من الإنس . والآخر من الشياطين .
وقد أرشدنا الله لكيفية التغلب عليهما واكتفاء شرهما .
أما عداوة الإنس فبمقابلة الإساءة بالإحسان ، فيصبح وليا حميما .
وأما عدو الجن فبالاستعاذة منه { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله
إنه سميع عليم } [ الأعراف : 200 ] .
نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق .
وقد أشرنا إلى أن الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه قدم مبحث الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر عند قوله تعالى:{ ياأيها الذين آمنوا عليكم
أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم }[ المائدة : 105 ]
وذكر سورة العصر عندها ، وعقد مسائل متعددة في منهج المر بالمعروف والنهي
عن المنكر ، بما لا غنى عنه .
قال ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير30/466:"وتعريف {الإنسان} تعريف
الجنس مراد به الاستغراق وهو استغراق عرفي لأنه يستغرق أفراد النوع
الإنساني الموجودين في زمن نزول الآية وهو زمن ظهور الإسلام كما علمت
قريبا. ومخصوص بالناس الذين بلغتهم الدعوة في بلاد العالم على تفاوتها.
ولما استثني منه الذين آمنوا وعملوا الصالحات بقي حكمه متحققا في غير
المؤمنين كما سيأتي...
والخسر: مصدر وهو ضد الربح في التجارة، استعير هنا لسوء العاقبة لمن يظن
لنفسه عاقبة حسنة، وتلك هي العاقبة الدائمة وهي عاقبة الإنسان في آخرته من
نعيم أو عذاب.
وقد تقدم في قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} في [سورة البقرة:
16]، وتكررت نظائره في القرآن آنفا وبعيدا.
والظرفية في قوله: {لَفِي خُسْرٍ} مجازية شبهت ملازمة الخسر بإحاطة الظرف
بالمظروف فكانت أبلغ من أن يقال: إن الإنسان لخاسر".
وجاء في فتح الباري لابن حجر6/365: " أخرج الفريابي عن مجاهد في قوله:
{إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} يعني في ضلال، ثم استثنى فقال "إلا من
آمن".
قال القرطبي في تفسيره20/181 [وتواصوا بالحق ....]:" ومعنى (وتواصوا) أي
تحابوا، أوصى بعضهم بعضا، وحث بعضهم بعضا. (بالحق) أي بالتوحيد، كذا روى
الضحاك عن ابن عباس.
قال قتادة: " بالحق " أي القرآن.وقال السدي: الحق هنا هو الله عزوجل.
(وتواصوا بالصبر) على طاعة الله عزوجل، والصبر عن معاصيه.
وجاء في القاموس المحيط باب وصى1731:" الأرضُ وَصْياً ووُصِيًّا ووَصاءً
وَصاءَةً : اتَّصَلَ نَباتُها . وأوْصاهُ ووصَّاهُ تَوْصِيَةً : عَهِدَ
إليه" وفي تاج العروس40/208 :" وَصَى الشيءَ بالشيء . وَصَلَه . ووَصَى
النَّبْتُ : اتَّصَلَ وكَثُرَ" . وقال ابن عثيمين في القول المفيد 3/134:"
الوصية : العهد بالشي إلى غيره على وجه الاهتمام به .
وأعظم الوصية ما أخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة1/159ح134 من حديث عبد
الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" .....إن نبي الله نوحا
صلى الله عليه و سلم لما حضرته الوفاة قال لابنه إني قاص عليك الوصية آمرك
باثنتين وأنهاك عن اثنتين آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع
والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا
إله إلا الله ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا
إله إلا الله وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق
وأنهاك عن الشرك والكبر قال قلت أو قيل يا رسول الله هذا الشرك قد عرفناه
فما الكبر قال أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان قال لا قال
هو أن يكون لأحدنا حلة يلبسها قال لا قال الكبر هو أن يكون لأحدنا دابة
يركبها قال لا قال أفهو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه قال لا قيل يا
رسول الله فما الكبر قال سفه الحق وغمص الناس" وصححه الألباني في الأدب
المفرد1/192ح548.
وقال السعدي في تفسيره ص934:" والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل
الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه. والتواصي
بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.
فبالأمرين الأولين، يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره،
وبتكميل الأمور الأربعة، يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح
[العظيم]".
وقال ابن كثير8/480:"{ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ }وهو أداء الطاعات، وترك
المحرمات، { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } على المصائب والأقدار، وأذى من
يؤذى ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر". وقد جاء في الحديث تسمية
الصبر ضياء{صحيح الجامع رقم925}.
وقال البيهقي في شعب الإيمان 3/290باب الصبر ضياء :" سمي الصبر ضياء لأن
الشهوات إذا انقمعت به و انجلى عن القلب الظلام الغاشي إباه باستيلاء
الشهوات على النفس فانظر مواضع النظر له من عبادة الله تعالى فآثرها و
ابتدر إليها و مواضع الضر الذي يلحق من معاصي الله فاعتزلها و كف عنها و قد
سماه في خبر آخر نصف صبر"
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير16/384:" اشتمل قوله تعالى : { وتواصوا
بالحق وتواصوا بالصبر } على إقامة المصالح الدينية كلها ، فالعقائد
الإِسلامية والأخلاق الدينية مندرجة في الحق ، والأعمال الصالحة وتجنب
السيئات مندرجة في الصبر .
والتخلق بالصبر ملاك فضائل الأخلاق كلها فإن الارتياض بالأخلاق الحميدة لا
يخلو من حمل المرء نفسه على مخالفة شهوات كثيرة ، ففي مخالفتها تعب يقتضي
الصبرَ عليه حتى تصير مكارم الأخلاق ملكه لمن راض نفسه عليها ، كما قال
عمرو بن العاص
: ... إذا المرءُ لم يَترُكْ طعاماً يُحبُّه
ولم يَنْهَ قلباً غاوياً حيثُ يمَّما ... فيوشِك أن تُلفَى له الدَّهرَ
سُبّةٌ
إذا ذُكِرَتْ أمثالُها تَمْلأ الفَمَا ... وكذلك الأعمال الصالحة كلها لا
تخلو من إكراه النفس على ترك ما تميل إليه . وفي الحديث : " حُفَّت الجنة
بالمكارِهِ وحُفّت النار بالشهوات " . وعن علي بن أبي طالب : «الصبر مطية
لا تكبو» .
وقد مضى الكلام على الصبر مشبعاً عند قوله تعالى : { استعينوا بالصبر
والصلاة } في سورة البقرة ( 45 ) .
وأفادت صيغة التواصي بالحق وبالصبر أن يكون شأن حياة المؤمنين قائماً على
شيوع التآمر بهما ديدناً لهم ، وذلك يقتضي اتصاف المؤمنين بإقامة الحق
وصبرهم على المكاره في مصالح الإِسلام وأمته لما يقتضيه عرف الناس من أن
أحداً لا يوصي غيره بملازمة أمر إلا وهو يرى ذلك الأمر خليقاً بالملازمة إذ
قلّ أن يُقدم أحد على أمر بحق هو لا يفعله أو أمر بصبر وهو ذو جزع ، وقد
قال الله تعالى توبيخاً لبني إسرائيل : { أتأمرون الناس بالبر وتنسون
أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } [ البقرة : 44 ]"وذكر الشيخ ابن
عثيمين في شرحه القول المفيد باب الدعاء إلى شهادة ألا لاإله إلا الله
ص92: " لا يتم الإيمان إلا إذا دعا إلى التوحيد، قال تعالى: (وَالْعَصْر إن
الإنسان لفي خصر إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (سورة العصر).
فلا بد مع التوحيد من الدعوة إليه، وإلا؛ كان ناقصاً، ولا ريب أن هذا الذي
سلك سبيل التوحيد لم يسلكه إلا وهو يرى أنه أفضل سبيل، وإذا كان صادقاً في
اعتقاده؛ فلابد أن يكون داعياً إليه والدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
من تمام التوحيد، ولا يتم التوحيد إلا به".
وقال شيخ الإسلام في الصبر /مجموع الفتاوى10/47:" وَالنَّاسُ " أَرْبَعَةُ
أَقْسَامٍ " : مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ صَبْرٌ بِقَسْوَةِ . وَمِنْهُمْ
مَنْ يَكُونُ فِيهِ رَحْمَةٌ بِجَزَعِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ
الْقَسْوَةُ وَالْجَزَعُ . وَالْمُؤْمِنُ الْمَحْمُودُ الَّذِي يَصْبِرُ
عَلَى مَا يُصِيبُهُ وَيَرْحَمُ النَّاسَ . وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْ
الْمُصَنِّفِينَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الرِّضَا عَنْ اللَّهِ مِنْ
تَوَابِعِ الْمَحَبَّةِ لَهُ وَهَذَا إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى "
الْمَأْخَذِ الْأَوَّلِ " وَهُوَ الرِّضَا عَنْهُ لِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ
بِنَفْسِهِ مَعَ قَطْعِ الْعَبْدِ النَّظَرَ عَنْ حَظِّهِ بِخِلَافِ "
الْمَأْخَذِ الثَّانِي " وَهُوَ الرِّضَا لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْمَقْضِيَّ
خَيْرٌ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْمَحَبَّةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ وَالرِّضَا
مُتَعَلِّقٌ بِقَضَائِهِ"
وقال ابن القيم في كتابه التبيان في أقسام القرآن ص54:" وتأمل حكمة القرآن
لما قال { إن الإنسان لفي خسر } فإنه ضيق الاستثناء وخصصه فقاله { إلا
الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } ولما قال { ثم
رددناه أسفل سافلين } وسع الاستثناء وعممه فقال { إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات } ولم يقل { وتواصوا } فإن التواصي هو امر الغير بالإيمان والعمل
الصالح وهو قدر زائد على مجرد فعله فمن لم يكن كذلك قد خسر هذا الربح فصار
في خسر ولا يلزم أن يكون في أسفل سافين فإن الإنسان قد يقوم بما يجب عليه
ولا يأمر غيره فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مرتبة زائدة وقد تكون
فرضا على الأعيان وقد تكون فرضا على الكفاية وقد تكون مستحبة.
والتواصي بالحق يدخل فيه الحق الذي يجب والحق الذي يستحب والصبر يدخل فيه
الصبر الذي يجب والصبر الذي يستحب فهؤلاء إذا تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر
حصل لهم من الربح ما خسره أولئك الذين قاموا بما يجب عليهم في أنفسهم ولم
يأمروا غيرهم به وإن كان أولئك لم يكونوا من الذين خسروا أنفسهم وأهليهم
فمطلق الخسار شيء والخسار المطلق شيء وهو سبحانه إنما قال { إن الإنسان لفي
خسر } ومن ربح في سلعة وخسر في غيرها قد يطلق عليه أنه في خسر وأنه ذو خسر
كما قال عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما : لقد قرطنا في قراريط كثيرة فهذا
نوع تقريط وهو نوع خسر بالنسبة إلى من حصل ربح ذلك

ولما قال في سورة والتين { ثم رددناه أسفل سافلين } قال { إلا الذين آمنوا
وعملوا الصالحات } فقسم الناس إلى هذين القسمين فقط ولما كان الإنسان له
قوتان قوة العلم وقوة العمل وله حالتان حالة يأتمر فيها بأمر غيره وحالة
يأمر فيها غيره استثنى سبحانه من كمل قوته العلمية بالإيمان وقوته العملية
بالعمل الصالح وإنقاد لأمر غيره له بذلك وأمر غيره به من الانسان الذي هو
في خسر فإن العبد له حالتان حالة كمال في نفسه وحالة تكميل لغيره وكماله
وتكميله موقوف على أمرين : علم بالحق وصبر عليه فتضمنت الآية جميع مراتب
الكمال الانساني من العلم النافع والعمل الصالح والاحسان إلى نفسه بذلك
وإلى أخيه به وانقياده وقبوله لمن يأمره بذلك".
هذا وأسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا وأن يجعله في ميزان
حسناتي إنه جواد كريم ومن وجد فيه خطأ فليصلحه أو نقصا فليكمله أو يدل عليه
،اللهم اجعلنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا
بالصبر.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
أبو الحسين الحسيني

E.MAIL:abu_alhusein_ahuseini@yahoo.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ahlalsunnah.yoo7.com
 
سورة العصر وأقوال المفسرين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صفات خوارج العصر من فتاوى علماء العصر
» اسطوانة فتن العصر
» سورة الفاتحة
» تفسير سورة الكهف لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
» تفسير سورة الكهف لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى أهل السنة والجماعة :: منبر القرآن الكريم وعلومه-
انتقل الى: