الفضيل بن عياض
ا بن مسعود بن بشر الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام ، أبو علي التميمي
اليربوعي الخراساني ، المجاور بحرم الله . ولد بسمرقند ، ونشأ بأبِيْوَرْد ،
وارتحل في طلب العلم .
فكتب بالكوفة عن منصور ، والأعمش ، وبيان بن بشر ، وحصين بن عبد الرحمن ،
وليث ، وعطاء بن السائب ، وصفوان بن سليم ، وعبد العزيز بن رفيع ، وأبي
إسحاق الشيباني ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وهشام بن حسان ، وابن أبي ليلى ،
ومجالد ، وأشعث بن سوَّار ، وجعفر الصادق ، وحميد الطويل ، وخلق سواهم من
الكوفيين والحجازيين .
حدث عنه : ابن
المبارك ، ويحيى القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وابن عيينة ، والأصمعي ،
وعبد الرزاق ، وعبد الرحمن بن مهدي بن هلال ، شيخ واسطي ، وحسين الجعفي ،
وأسَدُ السُّنة والشافعي ، وأحمد بن يونس ، ويحيى بن يحيى التميمي ، وابن
وهب ، ومسدد ، وقتيبة ، وبشر الحافي ، والسري بن مغلّس السقطي ، وأحمد بن
المقدام ، وعبيد الله القواريري ، ومحمد بن زنبور المكي ، ولُوين ، ومحمد
بن يحيى العدني ، والحميدي ، وعبد الصمد بن يزيد مردويه ، وعبدة بن عبد
الرحيم المروزي ، ومحمد بن أبي السري العسقلاني ، ومحمد بن قدامة المصّيصي ،
ويحيى بن أيوب المقابري ، وخلق كثير ، آخرهم موتا الحسين بن داود البَلْخي
.
وروى عنه سفيان
الثوري أجلُّ شيوخه ، وبينهما في الموت مائة وأربعون عاما .
توبته
قال أبو عمار الحسين بن حُرَيث ، عن الفضل بن موسى ، قال : كان الفضيل بن
عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس ، وكان سبب توبته أنه عشق جارية ،
فبينا هو يرتقي الجدران إليها ، إذ سمع تاليا يتلو أَلَمْ يَأْنِ
لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ فلما سمعها قال : بلى يا رب
قد آن ، فرجع ، فأواه الليل إلى خربة فإذا فيها سابلة ، فقال بعضهم : نرحل ،
وقال بعضهم : حتى [نصبح] فإن فُضَيلا على الطريق يقطع علينا .
قال : ففكرت ، وقلت : أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا
، يخافوني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إني قد تبت إليك
، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام .
توثيقه
وقال إبراهيم بن محمد الشافعي : سمعت سفيان بن عيينة يقول : فضيل ثقة .
وقال أبو عبيد : قال ابن مهدي : فضيل رجل صالح ، ولم يكن بحافظ .
وقال العجلى : كوفي ثقة متعبد ، رجل صالح ، سكن مكة .
وقال محمد بن عبد الله بن عمار : ليت فُضَيلا كان يحدثك بما يعرف ، قيل
لابن عمار : ترى حديثه حجة ؟ قال : سبحان الله . وقال أبو حاتم : صدوق .
وقال النسائي : ثقة مأمون ، رجل صالح . وقال الدارقطني : ثقة .
قال محمد بن سعد : ولد بخراسان بكورة أبيورد ، وقدم الكوفة وهو كبير ، فسمع
من منصور وغيره ، ثم تعبد ، وانتقل إلى مكة ونزلها إلى أن مات بها في أول
سنة سبع وثمانين ومائة في خلافة هارون ، وكان ثقة نبيلا فاضلا عابدا ورعا ،
كثير الحديث .
وقال أبو وهب محمد بن مزاحم : سمعت ابن المبارك يقول : رأيت أعبد الناس عبد
العزيز بن أبي روَّاد ، وأورع الناس الفضيل بن عياض ، وأعلم الناس سفيان
الثوري ، وأفقه الناس أبا حنيفة ، ما رأيت في الفقه مثله.
وروى إبراهيم بن شماس ، عن ابن المبارك قال : ما بقي على ظهر الأرض عندي
أفضل من الفضيل بن عياض .
قال نصر بن المغيرة البخاري : سمعت إبراهيم بن شماس يقول : رأيت أفقه الناس
، وأورع الناس ، وأحفظ الناس وكيعا والفضيل وابن المبارك .
وقال عبيد الله القواريري : أفضل من رأيت من المشايخ : بشر بن منصور، وفضيل
بن عياض ، وعون بن معمر ، وحمزة بن نجيح. قلت : عون وحمزة لا يكادان
يعرفان ، وكانا عابدين . قال النضر بن شميل : سمعت الرشيد يقول : ما رأيت
في العلماء أهيب من مالك ، ولا أورع من الفضيل .
وروى أحمد بن أبي الحواري ، عن الهيثم بن جميل ، سمعت شريكا يقول : لم يزل
لكل قوم حجة في أهل زمانهم ، وإن فضيل بن عياض حجة لأهل زمانه ، فقام فتى
من مجلس الهيثم ، فلما توارى ، قال الهيثم : إن عاش هذا الفتى يكون حجة
لأهل زمانه ، قيل : من كان الفتى ؟ قال : أحمد بن حنبل .
قال عبد الصمد مردويه الصائغ : قال لي ابن المبارك : إن الفضيل بن عياض صدق
الله فأجرى الحكمة على لسانه ، فالفضيل ممن نفعه علمه.
وقال أبو بكر عبد الرحمن بن عفان : سمعت ابن المبارك يقول لأبي مريم القاضي
: ما بقي في الحجاز أحد من الأبدال إلا فضيل بن عياض ، وابنه علي ، وعليّ
مقدم في الخوف ، وما بقي أحد في بلاد الشام إلا يوسف بن أسباط ، وأبو
معاوية الأسود ، وما بقي أحد بخراسان إلا شيخ حائك يقال له : معدان .
قال أبو بكر المقاريضي المذكر : سمعت بشر بن الحارث يقول : عشرة ممن كانوا
يأكلون الحلال ، لا يُدخلون بطونهم إلا حلالا ولو استفوا التراب والرماد .
قلت : من هم يا أبا نصر؟ قال : سفيان ، وإبراهيم بن أدهم ، والفضيل بن عياض
، وابنه ، وسليمان الخواص ، ويوسف بن أسباط ، وأبو معاوية نجيح الخادم ،
وحذيفة المرعشي ، وداود الطائي ، ووهيب بن الورد .
وقال إبراهيم بن الأشعث : ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل ،
كان إذا ذَكر الله ، أو ذُكر عنده ، أو سمع القرآن ظهر ، به من الخوف
والحزن ، وفاضت عيناه ، وبكى حتى يرحمه من يحضره ، وكان دائم الحزن ، شديد
الفكرة ، ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وعمله ، وأخذه وعطائه ، ومنعه وبذله
، وبغضه وحبه ، وخصاله كلها غيره . كنا إذا خرجنا معه في جنازة لا يزال
يعظ ، ويذكر ويبكي كأنه مودع أصحابه ، ذاهب إلى الأخرة ، حتى يبلغ المقابر ;
فيجلس مكانه بين الموتى من الحزن والبكاء ، حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة
يخبر عنها .
ذكر بعض من أقواله
وقال عبد الصمد بن يزيد مردويه : سمعت الفضيل يقول : لم يتزين الناس بشيء
أفضل من الصدق ، وطلب الحلال ، فقال ابنه علي : يا أبة إن الحلال عزيز .
قال : يا بني ، وإن قليله عند الله كثير .
قال سري بن المغلس : سمعت الفضيل يقول : من خاف الله لم يضره أحد ، ومن خاف
غير الله لم ينفعه أحد .
وقال فيض بن إسحاق : سمعت الفضيل بن عياض ، وسأله عبد الله بن مالك : يا
أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه ؟ قال : أخبرني ، من أطاع الله هل تضره
معصية أحد ؟ قال : لا . قال : فمن يعصي الله هل تنفعه طاعة أحد ؟ قال : لا ،
قال : هو الخلاص إن أردت الخلاص .
قال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل يقول : رهبة العبد من الله على قدر
علمه بالله ، وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة ، من عمل بما علم
استغنى عما لا يعلم ، ومن عمل بما علم وفَّقه الله لما لا يعلم ، ومن ساء
خلقه شان دينه وحسبه ومروءته .
وسمعته يقول : أكذب الناس العائد في ذنبه ، وأجهل الناس المُدِلّ بحسناته ،
وأعلم الناس بالله أخوفهم منه ، لن يكمل عبد حتى يؤثر دينه على شهوته ،
ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه .
وقال محمد بن عبدويه : سمعت الفضيل يقول : ترْك العمل من أجل الناس رياء ،
والعمل من أجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله عنهما.
قال سَلْم بن عبد الله الخراساني : سمعت الفضيل يقول : إنما أمس مثلٌ ،
واليوم عمل ، وغدا أمل .
وقال فيض بن إسحاق : قال الفضيل : والله ما يحل لك أن تؤذي كلبا ولا خنزيرا
بغير حق ، فكيف تؤذي مسلما .
وعن فضيل : لا يكون العبد من المتقين حتى يأمنه عدوه .
وعنه : بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله ، وبقدر ما يعظم عندك يصغر
عند الله .
قال محرز بن عون : أتيت الفضيل بمكة ، فقال لي : يا محرز ، وأنت أيضا مع
أصحاب الحديث ، ما فعل القرآن ؟ والله لو نزل حرف باليمن لقد كان ينبغي أن
نذهب حتى نسمعه ، والله لأن تكون راعي الحمر وأنت مقيم على ما يحب الله ،
خير لك من الطواف وأنت مقيم على ما يكره الله .
المفضل الجندي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري ، قال : ما رأيت أحدا أخوف
على نفسه ، ولا أرجى للناس من الفضيل . كانت قراءته حزينة ، شهية ، بطيئة ،
مترسلة ، كأنه يخاطب إنسانا ، وكان إذا مر بآية فيها ذكر الجنة يردد فيها
وسأل ، وكانت صلاته بالليل أكثر ذلك قاعدا ، يُلقى له الحصير في مسجده ،
فيصلي من أول الليل ساعة ، ثم تغلبه عينه ، فيلقي نفسه على الحصير ، فينام
قليلا ، ثم يقوم ، فإذا غلبه النوم نام ، ثم يقوم، هكذا حتى يصبح . وكان
دأبه إذا نعس أن ينام ، ويقال : أشد العبادة ما كان هكذا .
وكان صحيح الحديث ، صدوق اللسان ، شديد الهيبة للحديث إذا حدث ، وكان يثقل
عليه الحديث جدا ، وربما قال لي : لو أنك طلبت مني الدنانير كان أيسر علي
من أن تطلب مني الحديث . فقلت : لو حدثتني بأحاديث فوائد ليست عندي ، كان
أحب إلي من أن تهب لي عددها دنانير . قال : إنك مفتون ، أما والله لو عملت
بما سمعت ، لكان لك في ذلك شغل عما لم تسمع ، سمعت سليمان بن مهران يقول :
إذا كان بين يديك طعام تأكله ، فتأخذ اللقمة ، فترمي بها خلف ظهرك متى تشبع
؟
وعظه لأمير
المؤمنين هارون الرشيد
أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن أبي المكارم التيمي ،
أخبرنا الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا الطبراني ، حدثنا محمد بن زكريا
الغلابي ، حدثنا أبو عمر الجرمي النحوي ، حدثنا الفضل بن الربيع ، قال : حج
أمير المؤمنين -يعني هارون- فقال لي : ويحك ، قد حك في نفسي شيء ، فانظر
لي رجلا أسأله . فقلت : هاهنا سفيان بن عيينة ، فقال : امض بنا إليه ،
فأتيناه ، فقرعت بابه ، فقال : من ذا ؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين ، فخرج
مسرعا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إليَّ أتيتك . فقال : خذ لما
جئتك له ، فحدثه ساعة ، ثم قال له : عليك دَين . قال : نعم . فقال لي : اقض
دينه ، فلما [خرجنا] قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا . قلت : هاهنا عبد
الرزاق . قال : امْضِ بنا إليه ، فأتيناه ، فقرعت الباب فخرج ، وحادثه ساعة
، ثم قال : عليك دين؟ قال : نعم . قال : أبا عباس ، اقض دينه . فلما خرجنا
قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا ، انظر لي رجلا أسأله ، قلت : هاهنا الفضيل
بن عياض ، قال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فإذا هو قائم يصلي ، يتلو آية
يرددها ، فقال : اقرع الباب ، فقرعت ، فقال : من هذا ؟ قلت : أجب أمير
المؤمنين . قال : مالي ولأمير المؤمنين ؟ قلت : سبحان الله ! أما عليك طاعة
، فنزل ففتح الباب ، ثم ارتقى إلى الغرفة ، فأطفأ السراج ثم التجأ إلى
زاوية ، فدخلنا ، فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه ،
فقال : يا لها من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله ، فقلت في نفسي :
ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي ، فقال له : خذ لما جئناك له -رحمك
الله- فقال : إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ،
ومحمد بن كعب ، ورجاء بن حيوة ، فقال لهم : إني قد ابتليت بهذا البلاء ،
فأشيروا عليّ . فعد الخلافة بلاء ، وعددتها أنت وأصحابك نعمة . فقال له
سالم : إن أردت النجاة ، فصمِ الدنيا وليكن إفطارُك منها الموت . وقال له
ابن كعب : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فليكن كبير المسلمين عندك أبا ،
وأوسطهم أخا ، وأصغرهم ولدا ، فوقّر أباك ، وأكرم أخاك ، وتحنن على ولدك .
وقال له رجاء : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فأحبّ
للمسلمين ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم مت إذا شئت ، وإني
أقول لك هذا ، وإني أخاف عليك أشد الخوف يومًا تزل فيه الأقدام ، فهل معك
-رحمك الله- مَن يشير عليك بمثل هذا . فبكى بكاء شديدا حتى غشي عليه . فقلت
له : ارفق بأمير المؤمنين ، فقال : يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك ،
وأرفق به أنا ؟ ثم أفاق ، فقال له : زدني -رحمك الله- قلت : بلغني أن عاملا
لعمر بن عبد العزيز شُكي إليه ، فكتب إليه : يا أخي أذكرك طول سهَر أهل
النار في النار مع خلود الأبد ، وإياك أن ينصرف بك من عند الله ، فيكون آخر
العهد وانقطاع الرجاء ، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم عليه ، فقال :
ما أقدمك ؟ قال : خلعت قلبي بكتابك ، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله ،
فبكى هارون بكاء شديدا فقال : ياأمير المؤمنين ، إن العباس عم النبي -صلى
الله عليه وسلم- جاء إليه فقال : أمّرْني ، فقال له : إن الإمارة حسرة
وندامة يوم القيامة ، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل . فبكى هارون ،
وقال : زدني . قال : يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم
القيامة ، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار ، فافعل ، وإياك أن تصبح
وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك ، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
من أصبح لهم غاشا لم يَرح رائحة الجنة . فبكى هارون وقال له : عليك دَين ؟
قال : نعم ، دين لربي ، لم يحاسبني عليه . فالويل لي إن ساءلني ، والويل لي
إن ناقشني ، والويل لي إن لم ألهم حجتي . قال : إنما أعني من دَين العباد .
قال : إن ربي لم يأمرني بهذا ، أمرني أن أصدق وعده ، وأطيع أمره ، فقال
-عز وجل- : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ
الآيات . فقال : هذه ألف دينار خذها ، فأنفقها على عيالك ، وتقوَّ بها على
عبادة ربك ، فقال : سبحان الله ! أنا أدلك على طريق النجاة ، وأنت تكافئني
بمثل هذا . سلمك الله ، ووفقك . ثم صمت ، فلم يكلمنا ، فخرجنا ، فقال هارون
: أبا عباس ، إذا دللتني ، فدلني على مثل هذا ، هذا سيد المسلمين . فدخلت
عليه امرأة عن نسائه فقالت : قد ترى ما نحن فيه من الضيق ، فلو قبلت هذا
المال . قال : إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه ، فلما
كبر نحروه ، فأكلوا لحمه ، فلما سمع هارون هذا الكلام قال : ندخل فعسى أن
يقبل المال ، فلما علم الفضيل ، خرج فجلس في السطح على باب الغرفة ، فجاء
هارون ، فجلس إلى جنبه ، فجعل يكلمه فلا يجيبه ، فبينا نحن كذلك إذ خرجت
جارية سوداء ، فقالت : يا هذا ، قد آذيت الشيخ منذ الليلة ، فانصرف
فانصرفنا . حكاية عجيبة، والغلابي غير ثقة، وقد رواها غيره .
أخبرتنا عائشة بنت عيسى ، أخبرنا ابن راجح ، أخبرنا
السلفي ، أخبرنا العلاف ، أخبرنا أبو الحسن الحمامي ، أخبرنا جعفر بن محمد
بن الحجاح بالموصل ، حدثنا محمد بن سعدان الحراني ، حدثنا أبو عمر النحوي ،
هو الجرمي ، عن الفضل بن الربيع ، بها .
عودٌ لذكر بعض أقواله
قال محمد بن علي بن شقيق : حدثنا أبو إسحاق قال : قال الفضيل : لو خيرت بين
أن أعيش كلبا وأموت كلبا ، ولا أرى يوم القيامة ، لاخترت ذلك .
وقال فيض بن إسحاق : سمعت الفضيل يقول : والله لأن
أكون ترابا أحب إلي من أن أكون في مِسْلاخ أفضل أهل الأرض ، وما يسرني أن
أعرف الأمر حق معرفته ، إذا لطاش عقلي .
وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري : سمعت الفضيل يقول : لو
قلت : إنك تخاف الموت ما قبلت منك ، لو خفت الموت ما نفعك طعام ولا شراب ،
ولا شيء ، ما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذًا لطاش عقلي ، ولم أنتفع
بشيء .
عبد الصمد بن يزيد : سمعت الفضيل يقول : لا تجعل
الرجال أوصياءك ، كيف تلومهم أن يضيعوا وصيتك ، وأنت قد ضيعتها في حياتك .
وسمعته يقول : إذا أحب الله عبدا ، أكثر غمه ، وإذا أبغض عبدا ، وسع عليه
دنياه .
وقال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل يقول : من أحب
أن يذكر لم يذكر ، ومن كره أن يُذكر ذُكر . وسمعته يقول : وعزته ، لو
أدخلني النار ما أيست . وسمعته -وقد أفضنا من عرفات- يقول : واسوأتاه
-واللهِ منك- وإن عفوت. وسمعته يقول : الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل
صحيحا ، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل . قلت : وذلك لقوله -صلى الله عليه
وسلم- : لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله .
روى أحمد بن إبراهيم الدورقي ، عن علي بن الحسن قال :
بلغ الفضيل أن حريزا يريد أن يأتيه ، فأَقفل الباب من خارج ، فجاء فرأى
الباب مقفلا ، فرجع ، فأتيته فقلت له : حريز ، قال : ما يصنع بي ، يظهر لي
محاسن كلامه ، وأظهر له محاسن كلامي ، فلا يتزين لي ، ولا أتزين له ، خير
له .
ثم قال علي : ما رأيت أنصح للمسلمين ، ولا أخوف منه ،
ولقد رأيته في المنام قائما على صندوق يعطي المصاحف ، والناس حوله ، فيهم :
سفيان بن عيينة ، وهارون أمير المؤمنين ، فما رأيته يودّع أحدا ، فيقدر أن
يتم وداعه .
قال فيض بن وثيق سمعت الفضيل يقول : إن استطعت أن لا
تكون محدثا ولا قارئا ، ولا متكلما ، إن كنت بليغا قالوا : ما أبلغه !
وأحسن حديثه! وأحسن صوته ! فيعجبك ذلك ، فتنتفخ ، وإن لم تكن بليغا ، ولا
حسن الصوت قالوا : ليس يُحسن يُحدّث ، وليس صوته بحسن ، أحزنك ذلك ، وشق
عليك ، فتكون مرائيا ، وإذا جلست ، فتكلمت ، فلم تبال من ذمك ومن مدحك ،
فتكلم .
وقال محمد بن زنبور : قال الفضيل : لا يسلم لك قلبك
حتى لا تبالي من أكل الدنيا .
وقيل له : ما الزهد ؟ قال : القنوع ، قيل : ما الورع ؟
قال : اجتناب المحارم . قيل : ما العبادة ؟ قال : أداء الفرائض . قيل : ما
التواضع ؟ قال : أن تخضع للحق . وقال : أشد الورع في اللسان .
قلت : هكذا هو ، فقد ترى الرجل ورعا في مأكله وملبسه
ومعاملته ، وإذا تحدث يدخل عليه الداخل من حديثه ، فإما أن يتحرى الصدق ،
فلا يكمل الصدق ، وإما أن يصدق ، فينمق حديثه لِيُمْدَح على الفصاحة ، وإما
أن يظهر أحسن ما عنده ليعظم ، وإما أن يسكت في موضع الكلام ، لِيُثْنَى
عليه . ودواء ذلك كله الانقطاع عن الناس إلا من الجماعة .
قال عبد الصمد بن يزيد : سمعت الفضيل يقول : لو أن لي
دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في إمام ، فصلاح الإمام صلاح البلاد والعباد .
وسمعته يقول : إنما هما عالمان : فعالم الدنيا علمه
منشور ، وعالم الآخرة علمه مستور . احذروا عالم الدنيا ، لا يضركم بسكره ،
العلماء كثير ، والحكماء قليل .
وعنه : لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعد البلاء
نعمة ، والرخاء مصيبة، وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله .
قال الحسين بن زياد المروزي : سمعت فضيلا يقول : لو
حلفت أني مراء كان أحب إلي من أن أحلف أني لست بمراء ، ولو رأيت رجلا اجتمع
الناس حوله لقلت : هذا مجنون ، من الذي اجتمع الناس حوله ، لا يحب أن يجود
كلامه لهم؟
فيض بن إسحاق : سمعت فضيلا يقول : ليست الدنيا دار
إقامة ، وإنما آدم أُهْبِطَ إليها عقوبة ، ألا ترى كيف يزويها عنه ،
ويمررها عليه بالجوع ، بالعُري ، بالحاجة ، كما تصنع الوالدة الشفيقة
بولدها ، تسقيه مرة حُضَضا ومرة صبرا ، وإنما تريد بذلك ما هو خير له .
وعن الفضيل : حرام على قلوبكم أن تصيب حلاوة الإيمان
حتى تزهدوا في الدنيا .
وعنه : إذا لم تقدر على قيام الليل ، وصيام النهار ،
فاعلم أنك محروم ، كبلتك خطيئتك .
وعن فضيل ، ورأى قوما من أصحاب الحديث يمرحون ويضحكون ،
فناداهم : مهلا يا ورثة الأنبياء ، مهلا ثلاثا ، إنكم أئمة يقتدى بكم .
قال ابن عيينة : سمعت الفضيل بن عياض يقول : يُغْفر
للجاهل سبعون ذنبا ما لا يغفر للعالم ذنب واحد .
قال أحمد بن حنبل : حدثنا أبو جعفر الحذاء ، سمعت
الفضيل يقول : أخذت بيد سفيان بن عيينة في هذا الوادي ، فقلت : إن كنت تظن
أنه بقي على وجه الأرض شر مني ومنك ، فبئس ما تظن .
قال عبد الصمد مردويه : سمعت الفضيل يقول : من أحب
صاحب بدعة ، أحبط الله عمله ، وأخرج نور الإسلام من قلبه ، لا يرتفع لصاحب
بدعة إلى الله عمل ، نظر المؤمن إلى المؤمن يجلو القلب ، ونظر الرجل إلى
صاحب بدعة يورث العمى ، من جلس مع صاحب بدعة لم يعطَ الحكمة .
قال أبو العباس السراج : حدثني أبو النضر إسماعيل بن
عبد الله ، حدثنا يحيى بن يوسف الزمي ، عن فضيل بن عياض قال : لما دخل علي
هارون أمير المؤمنين قلت : يا حسن الوجه ، لقد كلفت أمرا عظيما ، أما إني
ما رأيت أحدا أحسن وجها منك ، فإن قدرت أن لا تسوِّد هذا الوجه بلفحة من
النار فافعل . قال : عظني . قلت : بماذا أعظك ؟ هذا كتاب الله بين الدفتين ،
انظر ماذا عمل بمن أطاعه ، وماذا عمل بمن عصاه ، إني رأيت الناس يغوصون
على النار غوصا شديدا ، ويطلبونها طلبا حثيثا ، أما والله لو طلبوا الجنة
بمثلها أو أيسر لنالوها ، وقال : عد إليّ ، فقال : لو لم تبعث إليّ لم آتك ،
وإن انتفعت بما سمعت ، عدت إليك . قال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل
يقول في مرضه : ارحمني بحبي إياك فليس شيء أحب إلي منك .
وسمعته يقول وهو يشتكي : مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ
أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .
وسمعته يقول : من استوحش من الوحدة ، واستأنس بالناس ،
لم يسلم من الرياء ، لا حج ولا جهاد أشد من حبس اللسان ، وليس أحد أشد غما
ممن سجن لسانه .
قال الحسن بن زياد : سمعت الفضيل كثيرا يقول : احفظ
لسانك ، وأقبل على شأنك ، واعرف زمانك ، وأخف مكانك .
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي : حدثنا الفيض بن إسحاق ،
سمعت الفضيل يقول : وددت أنه طار في الناس أني مت حتى لا أذكر . إني لأسمع
صوت أصحاب الحديث ، فيأخذني البول فرقا منهم .
وقال الدورقي : حدثنا الحسين بن زياد ، سمعت فضيلا
يقول لأصحاب الحديث : لم تكرهوني على أمر تعلمون أني كاره له -يعني
الرواية- ؟ لو كنت عبدا لكم ، فكرهتكم كان نَوْلي أن تبيعوني ، لو أعلم أني
إذا دفعت ردائي هذا إليكم ذهبتم عني لفعلت .
الدورقي : وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول : سمعت الفضيل
يخاطب نفسه : ما أراه أخرجك من الحل فدسك في الحرم إلا ليضعف عليك الذنب ،
أما تستحي تذكر الدينار والدرهم ، وأنت حول البيت ، إنما كان يأتيه التائب
والمستجير .
وعن الفضيل قال : المؤمن يغبط ولا يحسد ، الغبطة من
الإيمان ، والحسد من النفاق .
قلت : هذا يفسر لك قوله -عليه الصلاة والتسليم- : لا
حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا ينفقه في الحق ، ورجل آتاه الله
القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار . فالحسد هنا معناه : الغبطة
،أن تحسد أخاك على ما آتاه الله ، لا أنك تحسده ، بمعنى أنك تود زوال ذلك
عنه ، فهذا بغي وخُبث .
وعن الفضيل قال : من أخلاق الأنبياء الحلم والأناة
وقيام الليل .
قال أبو عبد الرحمن السلمي : أخبرنا أبو بكر محمد بن
جعفر ، أخبرنا الحسن بن عبد الله العسكري ، حدثنا ابن أخي أبي زرعة ، حدثنا
محمد بن إسحاق بن راهويه ، حدثنا أبو عمار ، عن الفضل بن موسى قال : كان
الفضيل شاطرًا يقطع الطريق ، فذكر الحكاية -وقد مضت .
وقال إبراهيم بن الليث : حدثنا المحدث علي بن خشرم قال
: أخبرني رجل من جيران الفضيل من أبيورد ، قال : كان الفضيل يقطع الطريق
وحده ، فبينا هو ذات ليلة ، وقد انتهت إليه القافلة ، فقال بعضهم : اعدلوا
بنا إلى هذه القرية ، فإن الفضيل يقطع الطريق . فسمع ذلك ، فأرعد ، فقال :
يا قوم جوزوا ، والله لأجتهدن أن لا أعصي الله .
وروي نحوها من وجه آخر ، لكنه في الإسناد ابن جهضم ،
وهو هالك . وبكل حال : فالشرك أعظم من قطع الطريق ، وقد تاب من الشرك خلق
صاروا أفضل الأمة . فنَواصي العباد بيد الله -تعالى- وهو يُضِلُّ مَنْ
يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ .
قال إبراهيم بن سعيد الجوهري : قال لي المأمون ، قال
لي الرشيد : ما رأت عيناي مثل فضيل بن عياض ، دخلت عليه فقال لي : فرغ قلبك
للحزن وللخوف حتى يسكناه ، فيقطعاك عن المعاصي ، ويباعداك من النار . وعن
ابن أبي عمر قال : ما رأيت بعد الفضيل أعبد من وكيع . قال إبراهيم بن
الأشعث : رأيت سفيان بن عيينة يقبل يد الفضيل مرتين ، وعن ابن المبارك قال :
إذا نظرت إلى الفضيل ، جَدَّد لي الحزن ، ومقت نفسي ، ثم بكى .
قال يحيى بن أيوب : دخلت مع زافر بن سليمان على الفضيل
بن عياض ، فإذا معه شيخ ، فدخل زافر وأقعدني على الباب . قال زافر : فجعل
الفضيل ينظر إليّ ثم قال : هؤلاء المحدثون يعجبهم قرب الإسناد ، ألا أخبرك
بإسناد لا شك فيه : رسول الله ، عن جبريل ، عن الله : نَارًا وَقُودُهَا
النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ فأنا وأنت
يا أبا سليمان من الناس ، ثم غشي عليه وعلى الشيخ ، وجعل زافر ينظر إليهما ،
ثم خرج الفضيل ، وقمنا والشيخ مغشي عليه .
قال سهل بن راهويه : قلت لابن عيينة : ألا ترى إلى
الفضيل لا تكاد تجف له دمعة . قال : إذا قَرِح القلب ، نديت العينان .
قال الأصمعي : نظر الفضيل إلى رجل يشكو إلى رجل ، فقال
: يا هذا ، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك .
قال أحمد بن أبي الحواري : حدثنا أبو عبد الله
الأنطاكي قال : اجتمع الفضيل والثوري ، فتذاكرا ، فرق سفيان وبكى ، ثم قال :
أرجو أن يكون هذا المجلس علينا رحمة وبركة . فقال له الفضيل : لكني يا أبا
عبد الله ، أخاف أن لا يكون أضر علينا منه . ألست تخلصت إلى أحسن حديثك ،
وتخلصت أنا إلى أحسن حديثي ، فتزينت لي وتزينت لك ؟ فبكى سفيان وقال :
أحييتني أحياك الله .
وقال الفيض : قال لي الفضيل : لو قيل لك : يا مرائي ،
غضبت ، وشق عليك ، وعسى ما قيل لك حق ، تزيَّنت للدنيا وتصنَّعت ، وقصَّرت
ثيابك ، وحسَّنت سمتك ، وكففت أذاك حتى يقال : أبو فلان عابد ، ما أحسن
سمته ! فيكرمونك ، وينظرونك ، ويقصدونك ويهدون إليك ، مثل الدرهم
السُّتُّوق لا يعرفه كل أحد فإذا قشر قشر عن نحاس .
إبراهيم بن ألأشعث : سمعت الفضيل يقول : بلغني أن
العلماء فيما مضى كانوا إذا تعلموا عملوا، وإذا عملوا شغلوا ، وإذا شغلوا
فقدوا ، وإذا فقدوا طلبوا ، فإذا طلبوا هربوا .
وعنه قال : كفى بالله مُحبا وبالقرآن مؤنسا ، وبالموت
واعظا ، وبخشية الله علما ، وبالاغترار جهلا .
وعنه : خصلتان تقسّيان القلب : كثرة الكلام ، وكثرة
الأكل .
وعنه : كيف ترى حال من كثرت ذنوبه ، وضعف علمه ، وفني
عمره ، ولم يتزود لمعاده .
وعنه : يا مسكين ، أنت مسيء وترى أنك محسن ، وأنت جاهل
وترى أنك عالم ، وتبخل وترى أنك كريم ، وأحمق وترى أنك عاقل ، أجلك قصير ،
وأملك طويل .
قلت : إي -واللهِ- صدق ، وأنت ظالم وترى أنك مظلوم ،
وآكل للحرام وترى أنك متورع ، وفاسق وتعتقد أنك عدل ، وطالب العلم للدنيا
وترى أنك تطلبه لله .
عباس الدوري : حدثنا محمد بن عبد الله الأنباري ، قال
:سمعت فضيلا يقول : لما قدم هارون الرشيد إلى مكة قعد في الحِجْر هو وولده ،
وقوم من الهاشميين ، وأحضروا المشايخ ، فبعثوا إلي فأردت أن لا أذهب ،
فاستشرت جاري ، فقال : اذهب لعله يريد أن تعظه ، فدخلت المسجد ، فلما صرت
إلى الحجر ، قلت لأدناهم : أيكم أمير المؤمنين ؟ فأشار إليه ، فقلت :
السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فرد عليّ وقال : اقعد ،
ثم قال : إنما دعوناك لتحدثنا بشيء ، وتعظنا ، فأقبلت عليه ، فقلت : يا
حسن الوجه ، حساب الخلق كلهم عليك ، فجعل يبكي ويشهق ، فرددت عليه ، وهو
يبكي ، حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني ، وقال : اذهب بسلام .
وقال محرز بن عون : كنت عند الفضيل ، فأتى هارون ومعه
يحيى بن خالد ، وولده جعفر ، فقال له يحيى : يا أبا علي ، هذا أمير
المؤمنين يسلم عليك . قال : أيكم هو ؟ قالوا : هذا ، فقال : يا حسن الوجه ،
لقد طوقت أمرا عظيما، وكررها ، ثم قال : حدثني عبيد المكتب ، عن مجاهد في
قوله : وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ قال : الأوصال التي كانت في
الدنيا . وأومأ بيده إليهم .
قال عبد الله بن خبيق : قال الفضيل : تباعد من القراء ،
فإنهم إن أحبوك 0 مدحوك بما ليس فيك ، وإن غضبوا شهدوا عليك ، وقبل منهم .
قال قطبة بن العلاء : سمعت الفضيل يقول : آفة القراء
العُجْب . وللفضيل -رحمه الله- مواعظ ، وقدم في التقوى راسخ ، وله ترجمة في
كتاب "الحلية" وفي تاريخ أبي القاسم ابن عساكر . وكان يعيش من صلة ابن
المبارك ونحوه من أهل الخير ، ويمتنع من جوائز الملوك .
قال بعضهم : كنا جلوسا عند الفضيل بن عياض ، فقلنا له:
كم سنك؟ فقال :
بلغت الثمانين أو جزتهه
فمـاذا أؤمـل أو أنتظـر
علتنـي السنون فأبلينني
فـدق العظـام وكل البصر
قلت : هو من أقران سفيان بن عيينة في المولد ولكنه مات
قبله بسنوات وكان ابنه: علي .
منقول بزيادة بعض العنوانين
والتنسيق