محمد Admin
عدد المساهمات : 335 نقاط : 1151 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 24/04/2010 العمر : 37
| موضوع: إزالة الضباب عن معنى وحكم الإضراب الجمعة 7 مايو - 13:14 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغر الميامين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد : رجائي للإخواة القراء الأعضاء هو لمن كانت له صلة قوية بأهل العلم من علماء السنة ،وكان قريبا منهم أن يرفعوا لهم المقال ، وأن يقومني فيما جانبت الصواب في المقال ، حتى أصححه وأرجع عنه وأرجو من الله تعالى أن يجد رجائي استجابة . واعلموا أن الشكر مني لكم جميعا موصول ، والدعاء لكم بظهر الغيب مأمول ، وأرجو الله تعالى لي ولكم القبول . أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله بالهدى ودين الحق ، وأمره سبحانهبتبليغ ما أرسله به ، فبلغ وبين ولم يترك شيئا تعبدنا الله به ، مما يعود علينابالنفع والخير، ويدفع عنا الضر والشر ، حتى إكتمل الدين وتمت النعمة ، على هذاالأساس ، ومات نبينا وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك، فمن أراد إصلاح الحال في العاجل والمآل فعليه بلزوم هذه المحجة ، والتبكير لها فيالدُلجة ، والصبر على الطاعة ، ولوزوم الجماعة، لنيل بحبوحة الدنيا بالانقياذوالطاعة ، والرضوان في الجنة المتسعة أغلى بضاعة. إن الإسلام جاء لتصحيح التوحيد الذي أرسلت به الرسل ، وإرساء قواعد الشريعة التي جاءت من أجل إبطال عقائد الجاهلية ، وعباداتها، وعاداتها التي تضر بالكليات الخمس ،الدين، والنفس ،والعرض ،والمال ، والعقل، ولا تراعي المصالح والمفاسد إلا على حساب طائفة لطائفة من الناس ،إذ الغاية عندهم تبرر الوسيلة ، فجاء الإسلام وحدد المقاصد والغايات ، وبين الوسائل إليها ، وقعد القواعد والأسس التي تنظم الحياة الاجتماعية والفردية ، وبيّن العلاقات الاجتماعية بين المسلمين فيما بينهم من جهة وبينهم وبين غيرهم من جهة أخرى ، فحدد علاقة الحاكم بالمحكوم ، وبيّنها غاية البيان ، وعلاقة الفرد بربه ومجتمعه ، مراعيا المنافع التي تقوم عليها حياته الدينية والدنيوية على أحسن وجه ، والمضار التي تفسد عليه ذلك إن خرج على حد المشروع ، وسلك سبيل التشريع الجاهلي الممنوع ، وطريق أهل البدع المبدوع . قال تعالى :{{ ومن يتقي الله يجعل له من أمره رشدا }} وقال عز وجل :{{ ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب }}وقال جل وعز:{{ إن تنصروا الله ينصركم ..}} وقال سبحانه :{{ الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}} وقال جل وعز :{{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّنّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ..}}وأخبرنا عز وجل عن قوم قالوا لرسلهم :{{ قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون }}وقال عز وجل :{{ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الأمر منكم}} فمن أخذ بآيات التقوى ، وآيات ضمان الرزق وأسبابه ، وأخذ بشروط النصر وضوابطه ، وقبل الشرع وحكمه واحتكم إليه ، فوحد الله توحيدا خالصا بجميع أنواعه،وموجباته ، وأقام الصلاة ، وأتى الزكاة ، وأمر بالمعروف وامتثله في حدود طاقته واستطاعته ،ونهى عن المنكر واجتنبه ، وكدح وثابر وصبر وصابر ، على ذلك بنفس راضية على قَدِر الله وما قدّر،وسلك سبيل النجاة بوسائل السعادة ،متعبدا لله في كل أمر بالأثر ، معرضا عن أعمال الجاهلية ، ولأحكام الإسلام منقاد وبها متأثر ، كيف يلجأ للإضراب ، وأقل ما يقال فيه أنه مكثف بالضباب ، الذي يحجب رؤية الحق ويفتح للشر الأبواب ، ويجلب الضرر ويلحق بالأمة العذاب .. إن الإضراب عمل من أعمال الجاهلية ، وجد بسبب سياسة فرعونية ، فأول من قام به جماعة من الأقباط في الأمة المصرية ، يطالبون رمسيس الثالث برواتبهم الشهرية ،ثم أصبح شريعة بقوانين كفرية ، ثم تبناه أهل ملتنا في دساتيرهم التشريعية ، ورجع عليهم ضرره من الطوائف الغثائية بشعارات حزبية...وتحت رايات عمية .. فظنوا أنهم بالإضراب للحاكم أطاحوا ، ولحقوقهم حصّلوا فاستراحوا ،ولكنهم بإضرابهم للدماء استباحوا ، و لأبناء ملتهم قتلوا وجرحوا ...ولمن خالفهم كفّروا ونطحوا .. أما أهل الحق فقد صاحوا ونصحوا وبينوا وباحوا ،هذا الطريق يأمة الحق اعتصموا به ترتاحوا ، ولكنهم عاندوا وكابروا وما قبلوا نصح العلماء وماانتصحوا .. فالاضراب عمل غير مشروع ، وفي شريعنتا فعله ممنوع ،سدا لأبواب الذرائع ، وحفظا لماجاءت بحفظه جميع الشرائع ،وقد قعّد النبي المختار لهذا قاعدة
فقال:<< لا ضرر ولا ضرار ..>> [رواه الإمام أحمد في مسنده (5/327)،ورواه الإمام مالك في الموطأ (2/745)، ورواه ابن ماجه في سننه (2/784). فيا قوم كفوا أيديكم ، واصلحوا أحوالكم ، وتصالحوا مع أوليائكم ، فأعطوهم حقهم بالمعروف واسألوا الله حقكم ،واصبروا على ذلكم تستقم لكم أموركم ،واعلموا أنكم كيفما تكونوا يولى عليكم ,فشرار أئمتكم منكم ، وخيارهم من أبائكم وأبنائكم ..حكم الإضراب ومعناه:قبل أن أتكلم عن حكمه أعرّف معنى الإضراب في اللسان العربي ، والمقصود به في أعراف الناس ،ومصطلحاتهم.معنى الإضراب: قال ابن منظور: أَضْرَبْتُعن الشيء: كفَفْتُ وأَعْرَضْتُ. وضَرَبَ عنه الذِّكْرَ وأَضْرَبَعنه: صَرَفَه. وأَضْرَب عنه أَي أَعْرَض.... والأَصل فـي قوله: ضَرَبْتُ عنهالذِّكْرَ، أَنّالراكب إِذا رَكِبَ دابة فأَراد أَن يَصْرِفَه عنجِهَتِه، ضَرَبه بعَصاه،لـيَعْدِلَه عن الـجهة التـي يُريدها، فوُضِعَالضَّرْبَ موضعَ الصَّرْفِ والعَدْل. يقال: ضَرَبْتُ عنهوأَضْرَبْتُ.... ويقال: ضَرَبْتُ فلاناً عن فلان أَي كففتهعنه،فأَضْرَبَ عنه إِضْراباً إِذا كَفَّ. وأَضْرَبَ فلانٌ عن الأَمرفهو مُضْرِبٌ إِذاكفّ . لسان العرب مادة: ضرب [ج1 / 547].الاضراب من عمل الجاهلية :والإضراب من عمل الجاهلية ، وقد قرأت في التاريخ المصري أن أول إضراب قام به بعض العمال في عهد فرعون رمسيس الثالث ، وفي روما القديمة ، يطالبون بحقوقهم ، وفي عهد قريش قامت أم سعد بن أبي وقاص بالإضراب عن الطعام والشراب حتى تسترد بعض حقوقها من ولدها سعد الذي فارق دينها ودخل في الإسلام ،وهي لم تفعل ذلك نذرا أو طاعة لآلهتها وإنما ضغطا على سعد حتى يرجع عن قراره ..وأقرت بريطانيا للعمال حقهم بالإضراب عن العمل عام 1871 وفرنسا عام 1864 وبلجيكا عام 1866 وهكذا أصبح الإضراب العمالي في الدول الرأسمالية حقا مشروعا معترفا به وأنكانت قد وضعت الكثير من القيود عليه وقد تضمنت الكثير من دساتير دول العالم الحقللطبقة العاملة بالإضراب عن العمل. وهكذا أصبح له قانونا دوليا أدخلوه في قانون حقوق الإنسان ، ثم وروده للدول الإسلامية .وقد استحدث القانون الوضعي المصري في قانون العمل الجديد -رقم12 لسنة 2003 م- مشروعية حق الإضراب السلمي للعمال ونظم أحكامه بمقتضى المواد من 192 حتى 195وذلك بحسب أن هذا الحق من الحقوق الإنسانية للعمال على المستوى الدولي ووفقاللاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1966/12/16 م- ووقعت عليها مصر -في 1967/8/4 م- ووافقعليها رئيس الجمهورية بالقرار رقم537 لسنة 1981 م بعد موافقة مجلس الشعبعليه.ومن تعريف اللسان العربي ، وطبيعة الإضراب موما في الواقع بأنواعه يمكن أن نعرفه بأنه الكف والإعراض عن العمل ، أو الطعام والشراب من أجل المطالبة ببعض الحقوق المالية ، والاجتماعية والسياسية ، والإضرار ببعض المصالح العامة والخاصة في النفس والمجتمع حتى تتحقق تلك المطالب ، أو تحدث الكوارث . حكم الإضراب :إن المفاسد والأضرار المترتبة على هذه الإضرابات التي تقوم بها الشعوب ،أكثر من أن تحصى ، سواء على الفرد أو المجتمع ،والواقع عبر التاريخ يشهد بذلك ، والإحصائيات تتكلم بالأرقام الكبيرة والخطيرة ،وأعظم مفسدة تحصل به قتل النفس ، والإضرار بالأملاك العامة والخاصة ، بل الإضرار بالضروريات الخمس أعظم ، وما نجم إضراب الجزائر سنة 1991م عنكم ببعيد،وهذه المفاسد أعظم من المصلحة المتوقعة بكثير ، حيث إن حفظ الدين ، والنفس ، والعقل ، والعرض ، والمال ، جاءت الشريعة الإسلامية الحنيفية السمحة بحفظها مراعية المصالح التي تتعلق بها، ودفع كل المفاسد التي تضر بها ، وفي ذلك جاءت الآيات والأحاديث تترى ، ، فهو تعالى الحكيم الخبير العليم بخبايا النفوس ، وما يصلحها وما يفسدها ، فشرع شرعا عادلا كاملا تاما لا عيب فيه ولا خلل وفق علمه وحكمته ،يضبطها ويهذبها ، ولا يُظلم عنده من اتبعه وأقامه في نفسه أولا،وفي علاقاته بينه وبين مجتمعه وأولياء أموره ثانيا، فعاش سعيدا ومات حميدا .وإن الإضراب يُعرض النّفس لكثير من الأخطار قد تصل إلى القتل ، وهذا واقع ومشاهد ومسموع ، سواء حصل عليها الضرر من صاحبها قال عز وجل :{{ ولاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما }}بالامتناع عن الطعام والشراب أو من غيره ، قال سبحانه : {{ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق .. }}، والأحاديث كذلكم كثيرة فيمن قتل نفسه ، أو قتله غيره ، وكذلكم باقي الضروريات ، ويجمعها قوله صلى الله عليه وسلم :<< لا ضرر ولاضرار>> أخرجه الإمام أحمد وابن ماجة بسند صحيح من حديث ابن عباس رضي اللهعنهما.والحديث يحرم على المسلم إلحاق الضرر بنفسه أو إلحاق الضرر بغيره.معلوم من قواعدالشرع المتفق عليها أن الضرر لايزال بضرر مثله ولا أكبر منه ،وأما الضرر الأصغر منه فإه أيضا لا ينبغي إلا في حالة ضيقة يباح للضرورة ، ويسمى عند أهل العلم بقاعدة دفع مفسدة كبرى بمفسدة صغرى اضظرارا لا اختيارا .والإضراب فيه إلحاق الضرر ليس بالنفس فحسب ، بل بالغير أفرادا وجماعات ، بل ومجتماعات ،من حيث وقوع القتل والجرح ، ووقوع الأمراض ، وتفشي الأوبئة المهلكة ، فإضراب الأطباء وعمال النظافة يسبب ذلك ، والخسائر البشرية والمادية الكثيرة والكبيرة ، ويضعف قوة الدولة ، ويعجزها عن توفير التكافل الاجتماعي ،بتعطيل آلة الانتاج ، والأمن الغذائي بإضراب أصحاب مصانع إنتاج التغذية، والمزارعين ، والخبازين ، و..و.. ويفوت الكثير من المنافع والمصالح العامة والخاصة ما يفوق تلك المصالح الضيقة المُطالب بها .والإضراب من عمل الجاهلية ،كما قلت آنفا ،وقد قرأت في التاريخ المصري أن أول إضراب قام به بعض العمال في عهد فرعون رمسيس الثالث ، وفي روما القديمة ، يطالبون بحقوقهم ، وفي عهد قريش قامت أم سعد بن أبي وقاص بالإضراب عن الطعام والشراب حتى تسترد بعض حقوقها من ولدها سعد الذي فارق دينها ودخل في الإسلام ،وهي لم تفعل ذلك نذرا أو طاعة لآلهتها وإنما ضغطا على سعد حتى يرجع عن قراره ، والسؤال الذي ينبغي أن يطرح على من يعمل بعمل هؤلاء الجاهليين ، هل أقر الله سبحانه وتعالى هذا الإضراب من أم سعد ، وأمره بأن يتراجع عن دينه طاعة لأمه التي قرن الله سبحانه وتعالى طاعة الوالدين ورفع من شأنها بطاعته وتوحيده ، بل قدم الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة الأم على طاعة الأب وأعطاها ثلاثة حقوقٍ من أربعة ،فلنسمع إلى ما قاله سعد رضي الله عنه ولنقرأ ما أنزل الله في شأن هذا الإضراب :ففي صحيح مسلم بسنده إلى مصعب بن سعد يحدث عن أبيه سعد قال : نزلت في أربع آيات ، فذكر قصةً ، وقالت أم سعد : أليس قد أمرك الله بالبر ؟ والله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أموت أو تكفر ...وفي رواية : فيعيرك الناس بقاتل أمه ، فأنزل الله تعالى :{{ {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ( سورة العنكبوت }}وراه أحمد والترمذي والنسائي .قال ابن كثير رحمه الله :[ج3/ 2195] : أي إن حرصا عليك أن تتبعهما في دينهما إذا كانا مشركين فإياك وإياهما ، لا تطعهما في ذلك ... اهـ ووجه الدليل من الآية أن الله تعالى نهى سعدا - وهو نهيٌ لجميع الأبناء- أن يطيع والدته في معصية الله، وإنما قامت أمسعد بالإضراب عن الطعام للضغط عن سعد من أجل الوقوع في محرم ، وهذه وسيلة إلى محرم فتعطى حكم المحرم ، فما لايتم الحرام إلا به فهو حرام ، والوسائل تعطى حكم المقاصد.وعن علي رضي الله عنه قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : << لا يتم بعد احتلام ، ولاصمات يومٍ إلا الليل >> وهذا إضراب عن الكلام ، قال النووي في رياض الصالحين [ج4 / 510] قال الخطابي في تفسيره لهذا الحديث :كان من نسك الجاهلية الصماتُ فنهو في الإسلام عن ذلك ، وأمروا بالذكر والحديث بالخير .وهذا فيه نهي عن الكف عن الكلام ، وهو من عمل الجاهلية ، ويؤكد هذا ما أخرجه البخاري [ح 3834] عن قيس بن حازم قال:<< دخل أبو بكر رضي الله عنه على إمرأة من أحمس يقال لها : زينب ، فرآها لاتتكلم . فقال : ما لها لا تتكلم ؟ فقالوا حجت مُصمتةً ، فقال لها : تكلمي فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية >> قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين :[ج4/ 511] : وهذا من عمل الجاهلية فلذلك نُهي عنه ، فلا يجوز للإنسان أن يصمت ولا يتكلم ،وإذا قُدر أن أحدا نذر هذا فإنه لايفي بنذره ، فيلحل النذر ويكفر كفارة يمين ..وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : نذرت إمرأة أن تمشي إلى بيت الله ، فسئل نبي الله عن ذلك ، فقال:<< إن الله لغني عن مشيها ، مروها فلتركب >> متفق عليه وعنه قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بشيخ كبير يهادى بين ابنيه فقال: << ما بال هذا ؟>> قالوا : نذر يا رسول الله أن يمشي ، فقال: << إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه >> قال : فأمره أن يركب .متفق عليه .قلت : ووجه الدليل من هذه الأحاديث ،أنه إذا كان هذا الصمت والمشي أريد به النسك فنُهوا عنه ، فكيف إذا كان الإضراب من أجل الإضرار بالنفس وتعذيبها ، والإضرار بالغير ، فلا شك أنه أشد نهيا، وقد قعّد لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدة عظيمة وهي في قوله :<< إن الله لغني عن تعذيب هذا لنفسه >>كما في الحديث الآنف الذكر ،وكذلك يقال في باقي أنواع الإضرابات من أجل تعطيل المصالح العامة من أجل الحصول على بعض الحقوق.ولقائل أن يقول : هذه الأحاديث فيها نهي عن الصمت نسكا كما في حديث علي رضي الله عنه ،والكف عن الكلام احترازا من الوقوع في المحظور كما في حديث أبي بكر رضي الله عنه ، والنهي عن النذر بما يعذب النفس ويلزمها بما لم يلزم به الله عباده ...كما في حديث أنس رضي الله عنه ، فما وجه الشبه بينها وبين الاضراب ..؟والجواب على هذامن وجوه .أولا : أما النهي عن الصمت فمعناه الكف عن الكلام والإعراض عنه ، وكذلكم الاضراب ، هو كفٌ وإعراضٌ عن أمر ما ،والفارق بينهما هو النية .ثانيا : ذلكم الصمات يقصد به النسك، والاحتراز من الوقوع في المحظور،تعبدا. والاضراب يقصد المطالبة بالحقوق ،وهذا الأمر له وجه في الشرع ، فإن الله تعالى شرع قضاء وأحكاما وألزم بها عباده في الخصومات والتنازع بالرجوع والتحاكم إليها وجعل وسائلا لذلك ،قال سبحانه : {{وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ..}} وقال:{{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم }}وهذا الاضراب ليس من تلك الوسائل المشروعة للمطالبة بالحقوق ، فيقال فيه :<< من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد >>كما يقال ذلك في ذلك النسك الجاهلي ، والاحتراز من أجل الوقوع في المحظور تعبدا..بما لم يجعله الله وسيلة للاحتراز.ثالثا : النذر هو الكف عن الأكل والشرب إذا كان يقصد به تعذيب النفس فهو منهي باتفاق ، وكذلكم الكف والاعراض عن الركوب والنذر بالمشي من أجل تعذيب النفس .. كذلكم الإضراب ، هو كف عن الطعام والشراب من أجل تعذيب النفس ،كما في قصة أم سعد، وكفٌ عن العمل من أجل تعطيل المصالح العامة والخاصة والإضرار بها، وهذا منهي عنه بنصوص كثيرة ذكرت بعضا منها وخاصة قوله صلى الله عليه وسلم: << لاضرر ولا ضرار >> << وإن الله غني عن تعذيب العبد نفسه >> وقوله تعالى : {{ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }}، والضرر لايزال بمثله ، هذا ما تيسر لي جمعه ولتمام الفائدة واكتمال الموضوع على الوجه اللائق أرصعه بذكر بعض فتاوى العلماء في المسألة : قال فتوى العلامة المحدث الفقيه المجدد محمد ناصر الدين الألباني رحمه اللهفي سلسلة الهدى و النور شريط رقم -465- جواباً على هذا السؤال :هل يجوزللعامة أو بعض العامة أن يصوموا أمام الحكام كي يلبوا لهم بعض الطلبات؟الجواب : قال: لا ، هذه عادة أجنبية كافرة لا يجوز للمسلمين أن يتخذوها وسيلةلإظهار عدم رضاهم بشيء ما يصدر من قبل الدولة . ويجب أن نستحضر في هذه المناسبة قوله عليه السلام في حديث معروف:<<من تشبه بقوم فهو منهم>>صحيح الجامع [ح6025]وأحاديث كثيرة وكثيرة جداً جاءتكالتفصيل لهذا الحديث المجمل.من تلكالأحاديث التي يمكن أن تعتبر تفصيلاً لهذا الحديث من تشبه بقوم فهو منهم قوله عليهالصلاة و السلام:<<صلوا في نعالكم وخفافكم وخالفوااليهود>>.رواه أبو داود والبزار ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ،انظر صفة صلاة النبي للشيخ الألباني [ص54].و أغرب من هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان راجعاً من غزوة فمروابأشجار من السدر كان المشركون يعلقون عليها أسلحتهم فقال بعض الصحابة يا رسول اللهاجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذاتُ أنواط -كلمة قالوها- اجعل لنا ذات أنواط كما لهمذات أنواط ، فقال عليه الصلاة والسلام - مستنكراً ! - اللهأكبر إنها السُنن أو السَنن لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى اجعل إلهاً كما لهمآلهة .انظروا الفرق بين المقولتين :1 - أولئك يقولون اجعل لنا إلاهاً نعبده مندون الله .2 - أما أصحاب الرسول اجعل لنا شجرة كما لهم ذات نواط .شتانبين المقولتين ، تلك لها علاقة بالعقيدة بل بالعبادة بالتوحيد وما ينافي التوحيد منالشرك الأكبر اجعل لنا إلها كما لهم آلهة .وقول بعض الصحابة اجعل لنا ذات أنواط كمالهم ذات أنواط ليس له علاقة بالعقيدة ولا بالفقه و إنما لهعلاقة ممكن نسميه ببعض النواحيالاجتماعية ]كلمة لم أتبين منها.. [ هل رضي الرسول عليهالسلام هذا التشبيه ،و إن كان الموضوع منفك أحدهما عن الآخر كل الانفكاك لا بل أنكر عليهمأنهم قالوا : ( كما لهم ذات أنواط).فهذا الحديث يأكد أن المسلمين يجب أنيكون لهم شخصية مستقلة تماماً عن الكافرين ليس فقط باطناً بل وظاهراً أيضاً ولهمشخصية خاصة متميزة عن شخصيات الأمم أو الشعوب الكافرة فتجويع المسلم لنفسه هو يشبه تماماً حلق الرأس ؛ في بعض الطرق الصوفية،كان المسلم إذا انتمى إلى شيخ له طريق فليُظهرَ له خضوعه التام المتثل بقولهم - أعنيالصوفية - المريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي الغاسل ، تحقيقاً لهذا الإستسلام الأعمىالمخالف لقوله تعالى}:{قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرةأنا ومن اتبعني}{ يعلنون عن ذاك المبدأ المخالف للبصيرة بأن يأمروا المنتمي إلى الطريق بأن يحلق رأسه ، ونحن نعلم بأن حلق الرأس هو عبادة وطاعة لله عز وجل فيبعض الأماكن، وهو أمر جائز في غير تلك الأماكن،كما قال عليه السلام :<<احلقوه كله أو دعوه كله>>أما في الحج}{محلقين رءوسكم و مقصرين{}و الرسول عليه الصلاة والسلام كما جاء فيالصحيحين قال:<<اللهم اغفر للمحلقين اللهم اغفر للمحلقين اللهماغفر للمحلقين>>قالوا يا رسول الله، وللمقصرين قال:<<وللمقصرين>>.فإذن لما كان الحلق عبادة ومنسك من مناسك الحج ؛ لا يجوز شرعاً نقله إلىمناسبة أخرى كما اتخذ ذلك الصوفية أو بعض مشايخ الصوفية طريقة ومنهجاً لهم على ماشرحت آنفاً .كذلكم الصيام ، الصيام طاعة لله عز وجل له نظامه وله شروطه وأركانه ، لوأن المسلم أراد أن يواصل الليل بالنهار لكان عاصياً لأن النبي صلى الله عليه وسلمقال:<<لا تواصلوا فإن كان ولا بد فمن السحور إلى السحور>> وبمعناه في الصحيحين .فمواصلة الصيام الذيهو طاعة وعبادة لله لا يجوز فكيف يجوز في شريعة الله أن يضرب عن الطعام و يواصل الليل والنهار اتباعا لطريقة الكفار. فهنا مخالفتان : 1-المخالفة الأولى ما كنا ندن حولها وهو التشبه بالكفار. 2- و المخالفة الأخرى أننا سننا لأنفسنا مواصلة الإمساك عن الطعام حيث لا يجوز في العبادة فضلاً أن لا يجوز في غير العبادة ] ا.هـ وهذه الفتوى منشورة في سحاب الخير .لإحد الإخوة الأفاضل .قلت : والمخالفة الثالثة : الإضرار بالنفس ،لأن بعضهم لاينقطع عن الاضراب حتى يموت ،أو يلحق بنفسه ضررا بالغا، وهذا وقع ، والله غني عن تعذيب العبد نفسه .وهذه فتوى لشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في حكم الإضراب فقد سئلناه هذا السؤال في جلسة مغلقة في مكة بمركز التوعية الإسلامية وكان معي الأخ عبد الخالق ماضي وآخر معه لم استحضر اسمه الآن ،كما سألناه عن حكم المسيرات والاعتصامات ، والخروج عن الحاكم ، وكان جوابه ، نفي مشروعية هذه الأمور ،فأخذت الشريط لأني أنا الذي كنت أسجل ، ونسخت منه عشرات النسخ ووزعتها في بلدي أثناء عودتي ، وقد أفادت كثيرا والحمد لله رب العالمين ،وأنقل هنا ما يناسب المقام :السؤال : فضيلة الشيخ ،ما حكم الإضرابعن العمل من بلدٍ مسلم للمطالبة باسقاط النظام العلماني ،وما حكم الاستفزاز في حديثالرجل الذي أوذي من جاره فاشتكى للرسول ثم أخرج متاعه إلى الخارج؟الجواب : هذا السؤال لا شكأن له خطورته بالنسبة لتوجيه الشباب المسلم وذلك أن قضية الإضراب عن العمل سواء كانهذا العمل خاصاً أو بالمجال الحكومي لا أعلم له اصلاً من الشريعة ينبني عليه, ولاشكأنه يترتب عليه أضرار كثيرة حسب حجم هذا الإضراب شمولاً وحسب حجم هذا الإضراب ضرورة . ولا شك أيضاً أنه من أساليب الضغط على الحكومات, والذي جاء في السؤال أن المقصودبه إسقاط النظام العلماني, وهنا يجب علينا إثبات أن النظام علماني أولاً , ثم اذا كان الأمر كذلك فليعلم أن الخروج على السلطة لا يجوز إلا بشروط , بينها النبي صلىالله عليه وسلمكما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : << بايعنا رسولالله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرةعلينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال : إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من اللهبرهان >> أخرجه البخاري [ح7056 ] في الفتن ومسلم [ح 1841].الشرط الأول: أن تروا بمعنى أن تعلموا علماً يقينياً بأن السلطة ارتكبت كفراً.الشرط الثاني : أنيكون الذي ارتكبته السلطة كفراً , فأما الفسق فلا يجوز الخروج عليهم بسببه مهماًعظم. قلت : أي كفرا مخرجا من الملّة ، يقصد الشيخ ، أما الكفر العملي فلا .الشرط الثالث: بواحاً أي معلناً صريحاً لا يحتمل التأويل. أي يبوح به ويلعنه .الشرط الرابع:عندكم فيه من الله برهان أي مبني على برهان قاطع من دلالة الكتاب والسنة أو إجماعالأمة. كالشمس في رابعة النهار ليس دونها قزعة ، فهذه أربعة شروط.والشرط الخامس: يؤخذ من الأصول العامة للدين الإسلامي،وهو قدرة هؤلاء المعارضين على إسقاط السلطة , {{ دون إحداث فنتة أو إراقة دم }} لأنه إذا لم يكن لديهم قدرة رجع الأمرعليهم لا لهم , فصار الضرر أكبر بكثير من الضرر المترتب على السكوت على هذه الولايةحتى تقوى الجبهة الأخرى المطالبة لدين الاسلام , فهذه الشروط الخمسة لابد منها لإسقاط الحكم العلماني في البلاد. فإذا تعين أن الإضراب يكون سبباً لإسقاط الدولةأو لإسقاط الحكم بعد الشروط التي ذكرناها , فإنه يكون لا باس به , وإذا تخلف شرطمن الشروط الاربعة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم والشرط الخامس الذي ذكرنا أن قواعد الشريعة تقتضيه فإنه تقتضيه, فإنه لا يجوز الاضراب ولا يجوز التحرك لإسقاط نظام الحكم .سؤال: هل يجوز مواجهة النظام بعد الإضراب يُقدمُالذيناضربوا مطالبهم، وفي حالة عدم الاستجابة لهذه المطالب ،هل يجوز مواجهة النظام بتفجير ثورة شعبية؟الجواب : لا أرى أن تقام ثورة شعبية في هذه الحال لأن القوة المادية بيدالحكومة كما هو معروف والثورة الشعبية ليس بيدها إلا سكين المطبخ وعصى الراعي وهذالا يقاوم الدبابات والأسلحة ، لكن يمكن أن يتوصل إلى هذا من طريق آخر إذا تمتالشروط السابقة، ولا ينبغي أن نستعجل الأمر , لأن أي بلد عاش سنين طويلة من الاستعمار لا يمكن أن يتحول بين عشية وضحاها الى بلد إسلامي , بل لابد أن نتخذ طول النفس لنيل المآرب .قلت : وهذا صحيح ، فقد عاشت مكة سنينا طويلة من استعمار الشرك والكفر ، ومع ذلك لم يستجعل النبي صلى الله عليه وسلم في إسقاط حكمهم ، وهو المجاب الدعوة والمؤيد بالوحي فكيف بغيره؟بل أنهم عرضوا عليه الحكم فرفض، لأنه لم يكن همه الحكم بقدر ماكان همه بناء الرجال على أساس التوحيد الخالص والعقيدة الصحيحة السليمة التي تستقيم عليها النفوس ويقوم عليها صرح الحكم، ولذلك لما جاءه بعض أصحابه يشتكون له شدة الظلم والاضطهاد أجابهم بقوله : << لقد كان يؤتى بالرجل ممن كان قبلكم فينشر بمنشار من مفرق رأسه إلى أخمص قدمه ، ويؤتى بالرجل فيمشط بأمشاط من حديد لحمه وعصبه دون عظمه ليرده ذلك عن دينه فلا يرجع ولكنكم قوم تستعجلون>>رواه البحاري وغيره، هذا هو الصبر المطلوب،الذي يحثهم عليه،وهذه بلادنا [130] سنة من الاستدمار الفرنسي،وربع قرن من الاشتراكية والعلمانية بعد الاستقلال ثم يأتي هؤلاء الحزبيون المتهورون يتعجلون الثمرة بهذه الوسائل التي تخالف الحكم بما أنرل الله الذي يطالبون به. يكمل الشيخ قائلا : والانسان إذا بنى قصراً فقد أسَسَ سواءٌ سكنه أو فارق الدنياقبل أن يسكنه، فالمهم أن يبني الصرح الاسلامي وإن لم يتحقق المراد إلا بعد سنواتفالذي أرى ألا نتعجل في مثل هذه الأمور ولا أن نثير أو نفجر ثورة شعبية غالبهاغوغائية لا تثبت على شيء ولو تأتي القوات الى حي من الأحياء وتقضي على بعضه لكان كلالآخرين يتراجعون عما هم عليه.الاعتصام من أساليب الضغط:يصحب هذا الاضراب وهذه التجمعات اعتصام في الساحات من طرف الشباب , كأن يعتصموا في الساحات الحكومية ويبيتون ليالي في هذه الساحات فما حكم هذاالاعتصام وهل له أصل في الشرع ؟هذا الاعتصام من أساليب الضغط على الحكومة بلاشك،وهو فيما أعلم مستورد ولكن من المعلوم أن الوسائل تكون على حسب المقاصد , ولهاحكم المقصد إن لم تكن من الوسيلة المحرمة . وهذا الاعتصام ينبني على ما سبق وقلناهبالنسبة للاضراب.ثم رأيت كلامه هذا في كتابه الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات لفضيلته رحمه الله وغفر له[ ج1/ ص284 -285-286-287] وقد نشر في بعض المنتديات وهنا في سحاب أيضا، وفيه بعض الزيادات التوضيحية على مافي الشريط الذي سجلناه معه .[ | |
|