الفرق بين الربا والبيع
بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم
m
إِن الْحَمْد لِلَّه، نَحْمَدُه وَنَسْتَعِيْنُه، وَنَسْتَغْفِرُه،وَنَعُوْذ بِالْلَّه مِن شُرُوْر أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَات أَعْمَالِنَا،مِن يَهْدِه الْلَّه فَلَا مُضِل لَه، وَمَن يُضْلِل فَلَا هَادِي لَه،وَأَشْهَد أَن لَا إِلَه إِلَا الَلّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه وَأَشْهَدأَن مُحَمَّدا عَبْدُه وَرَسُوْلُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِيْن آَمَنُوْا اتَّقُوْا الْلَّه حَق تُقَاتِهوَلَا تَمُوْتُن إِلَا وَأَنْتُم مُّسْلِمُوْن)، (يَا أَيُّهَا الْنَّاساتَّقُوْا رَبَّكُم الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْس وَاحِدَة وَخَلَق مِنْهَازَوْجَهَا وَبَث مِنْهُمَا رِجَالْا كَثِيْرَا وَنِسَاء وَاتَّقُوا الْلَّهالَّذِي تَسَاء لُوِّن بِه والأرحام
إِن الْلَّه كَان عَلَيْكُم رَقِيْبَا)، (يَا أَيُّهَا الَّذِيْنآَمَنُوْا اتَّقُوْا الْلَّه وَقُوْلُوْا قَوْلَا سَدِيْدَا يُصْلِح لَكُمأَعْمَالَكُم وَيَغْفِر لَكُم ذُنُوْبَكُم وَمَن يُطِع الْلَّه وَرَسُوْلَهفَقَد فَاز فَوْزا عَظِيْما).
أَمَّا بَعْد:
فَإن أُصَدِّق الْحَدِيْث كِتَاب الْلَّه، وَأَحْسَنالْهَدْي هَدْي مُحَمَّد، وَشَر الْامُوْر مُحْدَثَاتُهَا، وَكُل مُحْدَثَةبِدْعَة وَكُل بِدْعَة ضَلَالَة، وَكُل ضَلَالَة فِي الْنَّار
ثم أما بعد
يقول الله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [ البقرة:275] .
مِن هَذَا الْمُنْطَلَق الَقُرْآني الَّذِي رَد الْلَّه سُبْحَانَهوَتَعَالَى بِه عَلَى الْكُفَّار حِيْنَمَا قَالْوَا إِنَّمَا الْبَيْعمِثْل الْرِّبَا أ لاوَهُو بِأَن هُنَاك فَرْق أَن الْرِّبَا مُحَرَّموَالْبَيْع حَلَال حَاوْلّد جَاهِدا فِي مَا كَتَبْت أَن أَتَلَمَّس بَعْضالْفُرُوق الْوَاضِحَة الْبَيِّنَة بَيْن الْرِّبَا وَالْبَيْع حَتَّىيَتَمَيَّز بِذَلِك الْبَيْع وَالْرِّبَا أَتَم الْتَّمَايُز وَنَسْأَلالْلَّه تَعَال الْتَّوْفِيْق.
الْمَنْهَجِيَّة الَّتِي سَلَكَت فِي هَذَا الْمَوْضُوْع:
حَتَّى أُبْرِز أَهُم الْفُرُوق بَيْن الْرِّبَا وَالْبَيْع بُحِثَتعَن بَعْض الْمَبَاحِث الَّتِي يُمْكِن مِن خِلَالِهَا وُجُوْد فَرُوُقبَيْن الْرِّبَا وَالْبَيْع فَجَعَلْت كُل مَبْحَث مُسْتَقِل عَنالْثَّانِي فَأَبَيْن فِيْه مَا لَرِّبَا فِي هَذَا الْمَبْحَث ثُمأَنْتَقِل لِلْبَيْع وَأَبِي مَاعَلَيْه فِي هَذَا الْمَبْحَث وَهَكَذَاعَلَى مَدَار الْبَحْث وَالْهَدَف هُو مَعْرِفَة بَعْض الْفُرُوق بَيْنالْبَيْع وَالْرِّبَا .
حَاوَلْت خِلَال كِتَابَتِي الْإِبْتِعَاد عَن الأَسْفَاف فِيالَنْقُولَات الْكَثِيْرَة.
إِذَا الْبَحْث يَتَطَلَّب تَبَيَّن الْفُرُوْقَات فَقَط.
وَهَذَا هُو غَايَة الْبَحْث وَثَمَرَتُه فَرُبَّمَا أُهْمِلَت بَعْضالْجَوَانِب الَي قَد يُقَال أَنَّهَا مُهِمَّة فِي الْمَوْضُوْعلِأَنَّهفِي الْحَقِيقَة الْأَهَمِّيَّة الْعُظْمَى هِي الْفُرُوق
وَلِلْشَّيْخالْوَالِد صَالِح الْفَوْزَان وَفِقْه الْلَّه لَمَّايُحِب وَيَرْضَى رِسَالَة فِي هَذَا
بِعِنُوّاوُن : "الْفُرُوق بَيْن الْبَيْع وَالْرِّبَا"
حَاوَلْت أَن أُكَرِّر مَاكَتَبَه الْشَّيْخ حَفِظَه وَلَعَلالْنَّاظِر يَجِد فِرَق بَيْن مّاهْو مَسْطُوْر هُنَا وَبَيْن مَاقَيَدِهالْشَّيْخ حَفِظَه الْلَّه.
وَأَشَرْت لِرِسَالَة الْشَّيْخ حَفِظَه الْلَّه لَمَّا لَهَا مِنالْأَهَمِّيَّة وَحَتَّى أُوَضِّح عَدَم ذِكْرِي لِبَعْض الْأَشْيَاءوَذَلِك أَنَّهَا مَوْجُوْدَة فِي رِسَالَة الْشَّيْخ مَنَعَا لِتِكْرَاروَرَغْبَة فِي الْفَائِدَة لِلْجَمِيْع وَأَسْأَل الْلَّه عَز وَجَلالْتَّوْفِيْق وَالْسَّدَاد
..N
الْفَرْق بَيْن الْرِّبَا وَالْبَيْع فِي عِدَّة مَبَاحِث كَمَا سَيَأْتِي:
الْرِّبَا وَالْبَيْع لُغَة
الْرِّبَا وَالْبَيْع اصْطِلَاحا
مِنْ جِهَةِ أنْواعِ الربا والبيْع
الْمُتَعَامِلِيْن بِالْرِّبَا والمُتَعَامِلِيْن
أَثَرَهُمَا عَلَى الْمُجْتَمَع
أَثَرَهُمَا عَلَى اقْتِصَاد الْدُّوَل
مِن جِهَة تَشْجِيْع الْإِسْتِثْمَار
أَثَرَهُمَا عَلَى أَمْن الْدُّوَل
المبحث الأولالْرِّبَا وَالْبَيْع لُغَة:الرِّبا : ( *!والرِّبَا ، بالكسْرِ : العِينَةُ ) ، وقالَ الراغبُ : هو الزَّيادةُ على رأْسِ المالِ و زادَ صاحِبُ المِصْباح : وهو مَقْصورٌ على الأشْهَر ، وقالَ اللَّحْيانيُّ : الرِّماءُ بالميم لُغَةٌ فيه على البَدَلِ كما سَيَأْتِي . قالَ الَّراغبُ : لكن خُصَّ فيالشَّريعَةِ بالزِّيادَةِ على وَجْهٍ دُونَ وَجْه . ( وهُما *!رِبَوَانِ ) ، بالواوِ الأصْلِ ، ( و ) يقالُ ( *!رِبَيَانِ ) ، بالياءِ على التَّخْفيفِ مع كَسْر الراءِ فيهما ، وفي المُحْكَم : وأَصْلُه مِن الواوِ ، وإنَّما ثُنِّي بالياءِ للإِمالَةِ السَّائغةِ فيه مِن أَجْل الكَسْرةِ ،وقد رَبَا المالُ *!يَرْبُو : زادَ بالرِّبا .[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]البيع:ب ي ع باعَهُ يَبِيعُهُ بيْعاً ومَبِيعاً وهو شاذّ والقِيَاسُ مَبَاعاً إِذا بَاعَهُ وإِذا اشْتَرَاهُ ضِدُّ . قال أَبُو عبُيْدٍ : البَيْعُ : مِنْ حُرُوفِ الأَضْدادِ في كَلامِ العَرَبِ يُقَالُ : بَاعَ فُلانٌ إِذا اشْتَرَى وباعَ مِنْ غَيْرِه وأَنْشَدَ قَوْلَ طَرَفَةَ : " ويَأْتِيكَ بالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَهُ ***بَتَاتاً ولَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ
أَي من لَمْ تَشْتَرِ لَهُ .
قُلْتُ : ومِنْهُ قَوْلُ الفَرَزْدَق أَيْضاً :
إِنَّ الشَّبَابَ لَرَابِحٌ مَنْ بَاعَهُ ... والشَّيْبُ لَيْسَ لبَائِعِيه تِجَارُ
أَيْ مَن اشْتَراهُ . وقالَ غَيْرُه :
" إِذا الثُّرَيَّا طَلَعَتْ عِشَاءَ ***فبِعْ لرَاعِي غَنَمٍ كِسَاءَ
المبحث الثاني:الْرِّبَا وَالْبَيْع اصْطِلَاحا:الْرِّبَا: لِيَعْلَم أَن الْرِّبَا مُشْتَرَك بَيْن مَعَان: الْأَوَّل: كُل بَيْع فَاسِد. الْثَّانِي: عَقْد فِيْه فَضْل ، وَالْقَبْض مُفِيْد لِلْمَلِكالْفَاسِد. الْثَّالِث: فَضْل شَرْعِي خَال عَن عِوَض شُرِط لِأَحَدالْمُتَعَاقِدَيْن فِي عَقْد الْمُعَاوَضَة. وَالْمَقْصُوْد بِالْفَضْل الْشَرْعِي هُو فَضْل الْحُلُول عَلَىالْأَجَل وَالْعَيْن عَلَى الْدِّيْن كَمَا فِي رِبَا الْنَّسِيْئَة أَوأَفْضَل أَحَد الْمُتَجَانِسَيْن عَلَى الْآَخَر بِمِعْيَار شَرْعِي أَيالْكَيْل وَالْوَزْن كَمَا فِي رِبَا الْنَّقْدَيْن[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وَأَعْجَبَتْنِي هَذِه الْأَبْيَات حِيْنَمَا قَال الْشَّاعِر:
لِمَا رَآى الْعَام زَمَان الرَّبِيْع ***الطَّلْق قَد نَشَر عُرْف الْكِبَىجَرَى إِلَى غَايَتِه مُجْهِدَا****َكُلَّمَا رَام لَحَاقَا كَبَاوَالْنُّوْر قَد بَث دَنَانِيِرَه مُفَضَضا *** إِن شِئْت أَو مَذَهّبَاإِسْتَعْمَل الْحِيِلَة لِمَا وَنَى *** وَلَم يَجِد عَن قَصْدِه مَذْهَبَافَقَال أَسْلَفَنِي يَوْمَا بِشَهْر *** فَأَجَابَتْه رِيَاض الْرُّبَاهَذَا الْرِّبَا وَالْلَّه فِي وَحْيِه *** الْمَنْزِّل قد حَرَّم فَعَل الْرِّبَا[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] فَالَأُمَّة مُطَبَّقَة عَلَى تَحْرِيْم الْرِّبَا حَتَّى أَخَذ الشُّعَّاريَتَرَنَّمُون بِهَذَا الْحُكْم الْشَّرْعِيفِي بَعْض أَبْيَاتِهِموَهَذَا مِمَّا لَايَدَع مَجَال لِلْشَّك عَلَى إِتِّفَاق الْمُسْلِمِيْنعَامَّتُهُم وَعُلَمَائِهِمعَلَى حُرْمَةالْرِّبَا وَإِن اخْتَلَفالْفُقَهَاء رَحِمَهُم الْلَّه فِي تَفَاصِيْلِه وَضَابِطُه إِلَا أَنَّهُم مُطْبِقُون عَلَى تَحْرِيْمِه.
الْبَيْع:
قَال الْإِمَام الْتَّقِي: الْبَيْع وَالْشِّرَاء يَقَع فِي الْغَالِبعَلَى الْإِيْجَاب وَالِابْتِيَاع وَالِاشْتِرَاء عَلَى الْقَبُوْل لِأَنالْثُّلاثِي أَصْل وَالْمَزِيْد فَرْع عَلَيْه ، وَالْإِيْجَاب أَصْلوَالْقَبُول بِنَاء عَلَيْه.
وَفِي الْشَّرْع مُبَادَلَة مَال بِمَال بِتَرَاض أَي إِعْطَاءالْمُثَمَّن وَأَخْذ الثَّمَن عَلَى سَبِيِل الْتَّرَاضِي بَيْنالْجَانِبَيْن .
الْفِرَق بَيْن الْمَعْنَى الْلُّغَوِي وَالْشَّرْعِي لِلْبَيْع:
الْفَرْق إِنَّمَا هُو بِقَيْد الْتَّرَاضِي عَلَى مَا اخْتَارَه فَخْرالْإِسْلَام.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وَيَعْتَرِض عَلَى مِثْل هَذَا بأَن الْتَّرَاضِي لَا بُد لَه مِن لُغَةأَيْضا فَإِن أَخَذ الْشَيْء غَصَبْا وَإِعَطَاءَه مِن غَيْر تَرَاض لَايُقَالبَاعَه. وَبِهَذَا الْحَد الْشَّرْعِي بَيْع الْخِنْزِيْر وَالْخَمْر دَاخِلفِيْه بِخِلَاف الْبَيْع الْصَّحِيْح إِذَا كَان مِن مَكْرِه. المبحث الثالث :مِنْ جِهَةِ أنْواعِ الربا والبيْعالرِّبا نوعان:1- ربا النَسِيْئة. 2-ربا الفضْل.أَمَّا الْبَيْع: فَأَنْوَاعُه تُقَسَّم بِعِدَّّة إِعْتَبَارَات: أَوَّلَا : بِاعْتِبَار الْمَبِيع . ثَانِيا : بِاعْتِبَار الثَّمَن. ثَالِثا:بِاعْتِبَار الْصِّحَّة وَعَدَمِهَارَابِعا: بُيُوْع الْجَاهِلِيَّة.الْأَوَّل: بِاعْتِبَار الْمَبِيع يَنْقَسِم إِلَى أَرْبَعَة أَقْسَام: 1-
الْمُقَايَضَة. 2- الْبَيْع. 3- الْبَيْع الْمُطْلَق. 4- الْصَّرْف. 5- الْسَّلَم. الْثَّانِي: بِاعْتِبَار الثَّمَن يَنْقَسِم إِلَى أَرْبَعَة أَقْسَامأَيْضا: 1-
مُسَاوَمَة. 2- مُرَابَحَة. 3- تَوْلِيَة. 4- وَضِيْعَة. الْثَّالِث: بِاعْتِبَار الْصِّحَّة وَعَدَمِهَا يَنْقَسِم إِلَىأَرْبَعَة أَقْسَام: 1-
الْبَيْع الْصَّحِيْح. 2- الْبَيْع الْبَاطِل.3- الْبَيْعالْفَاسِد. 4- الْبَيْع الْمَكْرُوْه. الْرَّابِع: بُيُوْع الْجَاهِلِيَّة: 1-
بَيْع الْحَصَاة. 2- بَيْع الْمُنَابَذَة .3- بَيْع الْمُلَامَسَة. 4-بَيْع الْمُزَابَنَة. 5- بَيْع التَلِجِيّة. 6-
بَيْع الْوَفَاء 7 -بَيْع الْعِيْنَة.المبحث الرابعالْمُتَعَامِلِيْن بِالْرِّبَا والمُتَعاَمِلِيْن بالبيْع:المتعامل بالربا:قالَ الرَّسُول صلَّى الله عَليه وسلَّم لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُوكِلَهُ، وَشَاهِدَهُ، وَكَاتِبَهُ) وبلفظ (لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُوكِلَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَكَاتِبَهُ ")[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]فَنَجِد أَن الْمُتَعَامَل بِالْرِّبَا مِن خِلَال الْحَدِيْث الْسَّابِققَد عَرََّض نَفْسَه لِلَّعْن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّملِوُقُوْعِه فِي هَذَا الْإِثْم الْعَظِيْموَلَاشَك أَن ابْتِغَاء رِزْقالْلَّه فِي سَخَط الْلَّه أَكْبَر مُمْحِقَة لِلْبَرَكَة . كَمَا قَال الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم " أَيُّمَالَحَم نَبَت مِن حَرَام ، فَالَنَّار أَوْلَى بِه " فَالْحَدِيْث أَخْرَجَه الْبَيْهَقِي فِي شُعَب الْإِيْمَان بِرَقْم 5334 و إِسْنَادُهضَعِيْف فِيْه عَبْد الْوَاحِد بْن زَيْد الْبَصَرِيوَهُو ضَعِيْف الْحَدِيْث ، وَأَسْلَم الْكُوْفِي وَهُو مَجْهُوْلوَلَكِنَّه يَرْتَقِي لِلْحُسْن وَلَه شَوَاهِد مِنْهَا مَا أَخْرَجَهالْدَّارِمِي بِرَقْم 2691 فِي سُنَنِه مِن حَدِيْث جَابِر بْن عَبْدالْلَّه أَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّمقَال : " يَا كَعْب بْن عُجْرَة ، إِنَّه لَن يَدْخُل الْجَنَّة لَحْم نَبَت مِنسُحْت " و إِسْنَادُه حَسَن فِي الْمُتَابَعَات وَالْشَّوَاهِد رِجَالُهثِقَات عَدَا عَبْد الْلَّه بْن عُثْمَان الْقَارِي وَهُو مَقْبُوْل ، ورِجَالِه رِجَال مُسْلِموَيَشْهَد لَه أَيْضا مَا أَخْرَجَهالْطَّبَرَانِيفِي الْمُعْجَم الْأَوْسَط بِرَقْم 4622 " لَا يَدْخُلالْجَنَّة لَحْم نَبَت مِن سُحْت، وَكُل لَحَم نَبَت مِن سُحْت فَالَنَّارأَوْلَى بِه" فَالْحَدِيْث يَرْتَقِي لِلْحُسْن والله أعلم.الْبَيْع: وَأَخْرَج الْبُخَارِي فِي صَحِيْحِه بِرَقْم 1948 أَن الْنَّبِيصَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال: " الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا، بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا، مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا "فَالَشَّاهِد مِن قَوْلِه عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام وَإِن كَتَمَاوَكَذَبَا مُحِقَت بَرَكَة بَيْعِهِمَافَالأَصْل أَن الْبَيْع فِيْهالْبَرَكَة مِن الْلَّه عَز وَجَل وَلَكِن إِن دَخَل كَذَّب وَتَّدْلِيْسمُحِقَّة بَرَكَة ذَلِك الْبَيْع بَيْنَمَا الْرِّبَا مِن أَصْلِهمَمْحُوْق الْبَرَكَة .المبحث الخامس:أَثَرَهُمَا عَلَى الْمُجْتَمَع:أَثَر الْرِّبَا: كَثْرَة الْرِّبَا وَتَدَاوَلَه بَيْن الْنَّاس يُؤَدِّي إِلَىتَقْسِيْم طَبَقَات الْمُجْتَمَع إِلَى قِسْمَيْن فَقَطالْأُوْلَى : طَبَقَة فَاحِشَة الْثَّرَاءالْثَّانِيَة : طَبَقَة لَاذِعَة الْفَقْروَعِنْد انْقِسَام الْمُجْتَمَع لطَبَقَتَين يحدث هُنَاك اخْتِلَالفِي التَّوَازُن المَعِيْشِي وَ اختلال في تُكَافَأ فُرَص الْعَمَل، وَوُجُوْدالْظُّلْم وَالْحَيْف وَهَذَا كُلُّه يُنَافِي قَوَاعِد الْشَرِيعَةالَّتِي أَتَت فِي الْمُسَاوَاة بَيْن جَمِيْع أَفْرَاد الْنَّاس وَلَمتَفَرَّق بَيْن هَذَا وَهَذَا فَوُجُوْد طَبَقَتَيْن فَقَط فِيالْمُجْتَمَع أَمْر خَطِيْر جَدَّا لايسُهُم فِي تَعَايُش أَفْرَادالْمُجْتَمَع الْوَاحِد بَيْن بَعِظِهُم البعض وَيَخْلُق مُعَانَات مَهُوْلَةكَمَا نَرَى فِي الْمُجْتَمَعَات الْرَّأْس مَالِيَّة.أَثَر الْبَيْع عَلَى الْمُجْتَمَع( الْنِّظَام الْإِسْلَامِي الْمَالِي): لَاشَك وَ لَا رَيّب كَمَا نَرَى عَدَد مَن الْدُوَل الْغَرْبِيَّةتُحَاوِل جَاهِدَة وَسَاعِيّة فِي الاقتباس مِن الْنِّظَامالْإِسْلَامِي الْمَالِي وَالْبَعْض يسْعى إِلَى تَطْبِيْقِه دَلِيْل عَلَى فَشِلجَمِيْع الْأَنْظِمَة الْسَّابِقَة مِن رَأْس مَالِيَّة وَاشْتِرَاكِيّةوَشُيُوْعِيَّة وَنَرَى عَلَى سَبِيِل الْمِثَال الْمُجْتَمَعالْسُّعُوْدِي كَمُجْتَمَع يُطَبِّق نَوْعَا مَا هَذَا الْنَّاظِم مَعوُجُوْد بَعْض الْمُعَامَلَاتالْرِّبَوِيَّة الَّتِي أَثَّرَت سَلْبَاوَبِنِسْبَة مَلْحُوْظَة عَلَى جَمِيْع الْأَفْرَاد. وَنَرَى هُنَاك تُنَوِّع فِي أَحْوَال الْأَفْرَاد فَمِنْهُمفَاحِشَيْن الْثَّرَاء وَمِنْهُم الْأَغْنِيَاء و مِنْهُمالْمُتَوَسِّطَيْن وَمِنْهُم الْمَسَاكِيْن وَالْفُقَرَاء وَالْمُعْدَمِيْنفَهَذَا الْتَنَوُّع مَطْلُوْب فِي الْمُجْتَمَعوَهُو الْسَّبِيْل لِتُوَازِن ذَلِك الْمُجْتَمَع.المبحث السادس:أَثَرَهُمَا عَلَى اقْتِصَاد الْدُّوَلأثر الربا:عِنَدَمّا أَتَت قَبْل سَنَة الْأَزِمَّة الْعَالَمِيَّة الْمَالِيَّةالَّتِي تَأَثُّر بِهَا إِقْتِصَاد الْدُّوَل الْرَّأْس مَالِيَّة وَذَلِكبِسَبَب التَّأْمِيْن وَصَنَادِيْق الْإِسْتِثْمَار وَالْسَّنَدَات الَّتِيتَتَعَامَل بِالْرِّبَامِّمَّا أَدَّى إِلَى خَسَائِر فَادِحَة أُصِيْبَت بِهَا تِلْكالْدُّوَل مِنْهَا عَلَى سَبِيِل الْمِثَال الْوِلَايَات الْمُتَّحِدَةالْأَمْرِيْكِيَّة قَد تَكَبَّدَت خَسَائِر تَزِيْد عَلَى أَلَافالمِلْيَارَات.فَهَذِه الْحَادِثَة لَهِي أَكْبَر دَلِيْل عَلَى أَن الْرِّبَا هُو دَمَارالْدُّوَل.البيع:عَلَى عَكْس الْرِّبَا فَإِن الْبَيْع وَ بِلاشَك هُو الْأَسَاس فِيتَنْمِيَة اقتصاد الْدُّوَل نَمَائِه خُصُوْصا فِي الْقِطَاعَاتالْخَاصَّة وَأَيْضا الْأَهْلِيَّة فَكُل الْقِطَاعَات تَتَعَامَلبِالْبُيُوْع .، وَالْبُيُوْع هِي الْأَسَاس فِي الاستثمارالْمُرْبِح الْمَضْمُون عَلَى شَكْل طَوِيْل الْأَجَل أَو قَرِيْب الْأَجَلفِي بَعْض الْمَجَالَات. كَمَا أَن الْبَيْع لَايُشْكِل كَاهِل ثِقَل لَا عَلَى الْبَائِع وَلَاعَلَى الْمُشْتَرِي أَبَدا بِعَكْس الْرِّبَا فَإِن فِيْه إِجْحَافوَبِهَذَا يَتَبَيَّن أَن الْبَيْع هُو عَمار الْدُّوَل وَأَنَاالْرِّبَا هُو دَمَار الْدُّوَل.المبحث السابع :مِن جِهَة تَشْجِيْع الْإِسْتِثْمَار:الربا:في الحقيقة الربا قد يكون مرغبا في الإستثمار في مجالات ربوية وذلك لسرعة الربح التي قد يجنيها الفرد من خلال هذ الربا ولكن الحقيقة أن هناك أيضا مخاطر الخسارة أكثر .فنرى مثلا الأزمة العالمية التي حصلت وتم من خلالها أقفال عدد من الشركات التي بطبيعة الحال كانت تمتلك سندات وحسابات ربوية تم إغلاقها في الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من البنوك العالمية والسبب في هذا كله هو الربا .فعندما يجبر المستثمر على التعامل بهذه المعاملات سواء كانت على وجه سندات أو على وجه ديون ومبالغ مالية من خلالها يكون هناك فوائد ربوية أو غيرها من المعاملات الربوية المعاصرة .الْبَيْع: أَمَّا الْبَيْع فَقَد كَان لَه مَجَال فَي الْإِسْلَام عَظِيْم فِيالْنَّهْضَة بِالْتِّجَارَة وَالْتُجَّار فَكَثِيْر مِن دُوَل الْعَالَمالَّتِي فِي شَرْق آَسْيَا أَو غَيْرِهَا إِنَّمَا دَخَلَهَا الْإِسْلاممِن خِلَال التُّجَّار الَّذِيْن كَانُوْا يَذْهَبُوْن هُنَاكفَيَعْلَمُوْن الْنَّاس الْإِسْلَام وَيَقْضُوا مَنَافِعِهِم مِن تِجَارَةأَو غَيْرِه مِن الْمُمَارَسَات الْاسْتِثْمَارِيَّة. وَلِذَلِك الْمُسْتَثْمَر الَّذِي يَتَعَامَل بِالْبُيُوْعوَالْمُعَامَلَات الْجَائِزَة إِن قَدَّر الْلَّه وَحُصَل لَه خَسَارَة فِيتِجَارَتِه أَو شَيْء مِن مَشْرُوْعِه أَو عَمَلُه الْمَزْعُوْمإِقَامَتِه فقَد يَكْبُو وَلَا كِن لَا يَسْقُط بِخِلَاف مَنعَلَيْهَ تَأْمِيْنَات وَضَرَائِب وَإِلَى غَيْرِه مِن هَذِه الْأُمُورالَّتِي تَحْلِق الْمُسْتَثْمَر حِلَقا وَتُمِيْت نَشَاطَه.المبحث الثامن:أَثَرَهُمَا عَلَى أَمْن الْدُّوَل:أعلى النموذجأسفل النموذجالْرِّبَا: بِمَا أَنالْفَقْر قَد يُقَال أَنَّهكَان نَتِيْجَة لِلْتَعَامُلبِالْرِّبَا فَلَاشَك أَن فُقْدَان الْأَمَل نَتِيْجَة لِلْفَقْر وَهَذَامَعْرُوْف فِي كَثِيْر مِن دُوَل الْعَالَم أَن الْفَقْر يُوَلِّد الْعُنْففَأَمْن الْدُّوَل و بِلَاشَك يَتَأَثَّر بِالْرِّبَا تَبْدَأ الْشَرِكَاتالْخَاصَّة فِي التَّوَقُّف وَكَذَلِك بَعْض الْدَّوَائِر الْحُكُومِيَّةالَّتِي لَم تَجِد أَي شَرِكَة خَاصَّة تَتَعَامَل مَعَهَا إِلَا نُدْرَةوَقِلَّة فِي كَثِيْر مِن الْمَجَالَات وَالْسَّبَب أَن تِلْك الْشَّرِكَاتتَم إِغْلَاقِهَا لتَعَامَلَهَا بِالْرِّبَا وَإِتِّبَاعِهَا لِنِظَامالْرَّأْس مَالِي الذَي كَما مَر مَعَنَا يُفْسِد كَثِيْر مِن الْشَرِكَاتالَّتِي حَوْل الْعَالَم وَكُل هَذَا يُؤَثِّر وَيُسَاهِم فِي نُشُوْء دَاءالْمُجْتَمَعَات أَلَا وَأَعِنِّي الْبَطَالَة. وَلَاشَك أَن الْبَطَالَة أحَد الْأَسْبَاب الْمُهَمَّة الَّتِي أَدَّتإِلَى انْتِشَار الانْحِرَاف الْفِكْرِي سَوَاء كَان فِي غُلُو وَتَشَدُّدوَتُزَمِّت أَو تَسَاهَل وَتَّرَاخِي عَن الدَّيْن وَالْوَطَنوَالْوَاجِبَات الْمُحَاط بِه الْمُكَلَّف وهَذا هو بِدَاية الإنْقِلاب وزوال الأمْن.أعلى النموذجأسفل النموذجالْبَيْع: بَيْنَمَا الْبَيْع يُسْهَم فِي تَوَسُّع الاستثمار و فِيانْتِشَار فِي فُرَص الْعَمَل فِي زَّوَال الْعَطَالَة الَّتِي قَد تَبْلُغحَنَقْتِهَا فِي الْنِّظَام الْرِّبَوِي وَلَعَلَّه أَحَد الْأَسْبَاب فِيالمُحَافَظَة عَلَى أَمْن الْدُّوَل . فَمَتَى كَان الْشَّعْب رَاضِيَا فِي تَعَامَلاْتِه سَوَاء كَانَتكَمُؤَسّسَات أَو رِئَاسَات أَو شَرِكَات وَهَذَا الْجَو مِن الْتَّرَاضِيفَبِلاشَك أَنَّه يَخْلُق الْأَمَان حَوْل تِلْك الْمِنْطَقَة.الخاتمة: وَبِهَذَاالْمَبْحَث تَمَّت الْفُرُوق الَّتِي يُسِر الْلَّه لِيكِتَابَتِهَا بَيْن الْبَيْع وَالْرِّبَا وَمِن خِلَال مَاسَبَق لَعَلَّهتَبَيَّن حِكْمَة الْلَّه الْعَظِيْمَة فِي تَشْرِيْع هَذَا الْدِّيْنوَجَعَل هَذِه الْأَنْظِمَة الَّتِي فِيْهَا صَلَاح الْبِلَاد وَالْعِبَادفَبِمُجَرَّد الْنَّظَر فِي الْفُرُوق بَيْن مَاحُرّم الْلَّه وَبَيْن مَاأَحَل الْلَّه نَجِد أَن الَّلَه سُبْحَانَه وَتَعَالَى لَا يَحْرُمالْشَّيْء إِلَا لِحِكْمَة هُو أَعْلَم بِهَا وَإِن كَانَت هَذِهالْحِكْمَة لَم تَبْلُغ إِلَيْهَا عُقُوْلِنَا وَلَم تُدْرِكُهَامَدَارِكِنَا إِلَا أَن الْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى لَه الْعِلْمالْمُطْلَق فِي الْغَيْب وَلِذَلِك كَان مِن لُزُوْم صِفَات الْمُشَرِّعالْإِحَاطَة الْكَامَلة الْشَّامِلَة